قصة قصيرة

ثقافة 2019/03/13
...

محمد رشيد الشمسي
 
الكلب والقطة
كان يهز ذيلَهُ المرقط؛ بصورة متشنجةً، وينبح بوتيرة متصاعدةً؛  كلما مر الوقت؛ اذ يستنجد بالمارة، الذين كانوا يتفاجؤون به ما بين اقدامهم؛ فمنهم من يركله، ومنهم من يجتازه؛ خشيةً من التعثر به.
الكلبُ الصغير كأنه يريد أن يقول شيئاً ما؛ ولكن ليس هناك أذان  صاغية له؛ منهم من كان مهتماً بنفسهِ وحملِ اغراضه التي تبضعها من السوقِ المقابل، ومنهم من يتداول مع رفاقهِ بحوارات جانبية خفيفة و ربما حادة في بعض المرات. حجمه الصغير؛ جعله يكون صيداً  سهلاً لسرقتهِ وحملهِ، ولكن الجميع كان  مراقباً من الجميع، حتى تحايّل أحد المارة، اذ ‏نادى بإسم؛ كان قد اخترعه من فكرهِ الذي يمتهن السرقة، حيث قال:‬‬
- هلو Roj اين كنت؟!!… لقد بحثتُ عنك كثيراً. 
ثم التقط الكلب الصغير؛ وحمله وسار خطوات، وأخذ  يلتفت يميناً وشمالاً، ثم أستقر في خطواتهِ.
أخذ الكلبُ يتدافع بارجلهِ ويديهِ للخلاص؛ ولكن الرجل  ممسك به  بقوة ومشدد الخناق عليه؛ مما منع الكلب الصغير حتى من النباح. أبتعد الرجل قليلاً عن منطقة الخطر التي يتصورها، إلى منطقة الأمان. وأذعن  الكلب  إلى الأمر  الواقع،  وهدّأ من روعه؛ مما جعله يخفف الخناق عنه، ويحمله على كتفه، ثم انزله الأرض ليسير معه، لقد اطمّأن الرجل أكثر وأكثر، وبدأَ يتبضع بعض الحاجيات، والكلب يسير  معه بهدوء وروية تامه، توقف الرجل أمام حانوت لبيع الحبال؛ أراد شراء حبل لربط  الكلب، لقد اشتراه وانحنى لربطه،  وقد تم ذلك بهدوء، هذا الهدوء أعطى انطباعاً عند الرجل بالثقة المفرطة بالكلب.كان الكلب يبحث عن هذا الحبل بأيّ صورة، وبأيّ وسيلة كانت، والآن  يتعانق معه ويكون جزءا منه، ربما  هذا  الحبل هو الشيء  الذي يبحث عنه!!... 
مسك الرجل طرف الحبل؛  وقاد الكلب  الصغير، وعند مفترق طرق، اندفع الكلب بقوة؛  ليفلت طرف الحبل من يد الرجل؛ ويهرب الكلب متخذاً الطريق  الذي جاءا منه.    زحمه الناس وصغر حجم الكلب؛ جعلا الرجل يفقده بسرعه، حتى صراخه ومناداته لم تنفعه؛ حين صرخ بأعلى صوته، صراخه وتدافعه مع المارة؛ اسقطه أرضاً، وداستةُ بعض المارة؛ مما حدا به على الصراخ، لقد تشاجر  مع شاب مفتول العضلات، ونشب عراك  بينهما؛ وحضرت الشرطة؛ ليدخل 
الاثنان السجن.
بينما الكلب الصغير أكمل مسيره باتجاه  هدف ربما أراد تحقيقه؛ وصل عند أعتاب حفرةً منزويةً على جانب من السوق، يصدر منها صوت قطة صغيرة؛  تطلب النجاة  والخروج من تلك الحفرة الملساء، التي حاولت  القطة الخروج  منها ولكن لم تستطع، حتى سمعها الكلب الصغير؛ وها هو ينزل الحبل المربوط  برقبتهِ إلى داخل الحفرةِ؛ تتسلق القطة الحبل، وتخرج  بسلام.