«الصباح» تكشف عن قصة المدارس الصينيَّة

ريبورتاج 2022/02/15
...

  علي غني 
لم يصدق الصينيون بأن عباقرة الهندسة العراقية قادرون على تقديم صروح هندسية تفوق الخيال، مثل استاذتهم التي أبهرت العالم زها حديد، هذا الاكتشاف لمسه الصينيون عندما وقعوا اتفاقية بناء المدارس في العراق، فالتصاميم عراقية والتنفيذ صيني، وألف مدرسة ستنضم إلى مدارس بلاد الرافدين وتليها آلاف اخرى.
 
مدارس فقيرة
خارطة العراق المدرسية تشير إلى فقرها من ناحية الاستيعاب والتصاميم القديمة، وبنايات الهياكل الحديدية التي يسميها البعض سجوناً مصغرة، والإهمال الواضح لبنايات المناطق النائية التي مضى على بعضها أكثر من أربعين سنة، وربما أكثر، وأشياء توجع القلب، لكن المشروع الذي تمخض عن توقيع العقد الخاص بتنفيذ (1000) مدرسة مع الجانب الصيني الذي أشرف عليه شخصياً رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، وهو من ضمن الاتفاقية الصينية التي تم الاتفاق عليها عند زيارة رئيس مجلس الوزراء السابق عادل عبد المهدي للصين، فتح أبواب الامل لتأسيس مدارس حديثة تليق بالعراقي الذي أدهش العالم بحضارته.
 
نماذج مدهشة
اعترف أن المهندس محمد عبد الكريم الساعدي مدير الأبنية المدرسية في وزارة التربية عرفني كثيراً على ما يطلق عليه (المدارس الصينية)، لكن سأطلق عليها (أنا)، (المدارس العراقية)، وسأذكر الأسباب فيما بعد، لأعود إلى الساعدي الذي بيّن أن المشروع تبنته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بمساعدة المركز الوطني للاستشارات الهندسية الذي أبدع في التصاميم التي قدمها للجانب الصيني، فالمشروع يتضمن (1000) مدرسة في المرحلة الأولى، ثم تتصاعد النسبة إلى (3000) مدرسة تغطي مساحة العراق وزودني الساعدي بمعلومة في غاية الأهمية، وهي أن حاجة العراق الفعلية تقدر بـ (٨٠٠٠) مدرسة.
وتابع الساعدي «نحن لدينا أعضاء ارتباط من مهندسي المديريات العامة للتربية سيرافقون الشركات الصينية عند التنفيذ، ونحن الآن في طور تسليم الأراضي للشركة الصينية المنفذة، وستكون التصاميم العراقية مثار إعجاب العالم، وليس العراق، وأدعوك لزيارة أحد النماذج التي نفذتها إحدى الشركات العراقية، وأنا واثق تماماً أنك ستندهش!.
 
لا تتأثر بالزلازل
وأعود إلى السؤال الذي أراهن عليه بأن هذه المدارس يجب أن يطلق عليها (المدارس العراقية وليس الصينية)، فهذا المدير المفوض لشركة كوكب العراق للمقاولات العامة العراقي علاء مولى فزع، وهو أحد المستثمرين، والذي اختارته وزارة التربية لتبني (النموذج الأول)، لبداية مشروع (المدارس الصينية)، والحكم على نجاحه او فشله في العراق، لكنه كما يقول الاستاذ علاء: تفاجأ الصينيون بتصاميم المركز الوطني للاستشارات الهندسية، وعبروا عن سرورهم واعجابهم بما وصل إليه المعماريون العراقيون، وهم يعرفوننا بأننا تلاميذ زها حديد.
 
الغزي يزور المدرسة
اصطحبني (الاستاذ علاء) بجولة داخل المدرسة التي تتكون من (24) صفاً وتسع لـ (600) طالب، وتحتوي  على مرسم ومسبح، وقاعة اجتماعات كبيرة ومختبرات للحاسوب والصوت (لمادة اللغة الانكليزية) والعلوم، ونادٍ يشبه أندية الجامعات، وحدائق، وصفوف مزودة بأحدث السبورات الذكية، والشاشات التفاعلية، والمدرسة المكونة من ثلاثة طوابق مزودة بمنظومة حريق ومصممة لتتناسب مع حالات الزلازل (وهذا يحدث لأول مرة في العراق، بأن تصمم مدرسة لا تتأثر بالزلازل)، ومزودة بجميع وسائل الراحة، واطلق عليها المدارس الملكية، كل هذه التقنيات الجديدة ستتوافر في المدارس الـ (1000) التي تنفذها الشركات
الصينية.
كل هذه الأمور جذبت الاستاذ حميد الغزي الأمين العام لمجلس الوزراء، فزار المدرسة برفقة وفد كبير يرافقه الملاك الهندسي للأمانة العامة، وأثنى على الشركات الوطنية التي تنفذ هكذا مشاريع إبداعية، ومنها شركتنا، (والكلام ما زال لصاحب الشركة المنفذة الاستاذ علاء مولى).
 
مكاتب متابعة
الساعدي محمد عبد الكريم (مدير الأبنية في الوزارة)، همس في أذني بعد عودتي من زيارة المدرسة (النموذج)، لمن الفخر استاذ علي، قلت للمصممين العراقيين الذين صمموا عشرات الموديلات للمدارس، التي ستكون جاهزة خلال سنة وستة أشهر، وسيحظى العراق لأول مرة بمدرسة مزودة بكل ما هو جديد في عالم التربية، وأهم ما فيها أنها مزودة بوسائل التبريد والتدفئة، وهذا حلم كل أسرة عراقية، لايفوتني (والكلام للساعدي)، أن أعبر عن سعادتي بالشركات العراقية التي تنفذ هكذا مشاريع بدقة عالية. 
ولا أخفي عليك، بأن هذه المدارس ستبنيها الأيدي العراقية، وهي ستستوعب آلاف العاطلين عن العمل، وقد جهزنا الأراضي، وحضرنا التصاميم، وما على الجانب الصيني الا التنفيذ.وأزيدك معلومة (والكلام للساعدي)، أن المدارس ستكون على أنواع، فبعضها يصمم بسعة (12)، (14)، (24) صفاً، وكل نوع له تصميمه الخاص، كما اؤكد لك بأن مهندسي التربية سيتابعون أعمال التنفيذ كل حسب محافظته (مكاتب متابعة).
 
تصاميم عراقيَّة
على الرغم من انشغال المدير العام للمركز الوطني للاستشارات الهندسية، أحد تشكيلات وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة المهندس المعماري الدكتور حسن مِدِّب مجحم، إلا أن مدير إعلامه الاستاذ مصطفى الشمري، قد رتب لنا لقاء مباشرا معه، وبعد استقباله لنا في مكتبه، فضل أن يطلعنا على نماذج عديدة من التصاميم المدرسية التي تزين دائرته وكأنها مناظر طبيعية خلابة، موضحاً العديد من الحقائق، فهذه المدارس تم توقيع عقدها من قبل رئيس الوزراء ووزير التربية، وأنا مع الجانب الصيني (شركة باور چاينا)، ويبلغ  عددها (3000) مدرسة، وحالياً تم البدء بالألف الأولى والتي تشمل (15) محافظة من ضمنها محافظة الأنبار، وحصة كل محافظة لا تقل عن (45) مدرسة، وعقد هذه المدارس (النفط مقابل البناء)، وأنا افتخر بأن التصاميم (والكلام للدكتور حسن)، كلها عراقية ومن تصميم المركز الوطني للاستشارات الهندسية الذي أترأسه ومعي كل المعماريين العراقيين المبدعين أبناء زها حديد.
 
تسابق الزمن
المديريات العامة للتربية في بغداد والمحافظات تواصل رفع التجاوزات عن الأراضي المخصصة لمشروع بناء الـ(1000) مدرسة بالتعاون مع البلديات لتسليمها إلى الجهات المنفذة للمشروع، التي ستصمم على وفق  الفريق الهندسي العراقي، وللأمانة فإن العديد من المديريات العامة للتربية تسابق الزمن لتسليم الأراضي إلى الشركة الصينية المنفذة، لكن نحن نريد من الوزارة أن تختار الأراضي المخصصة لهذه المدارس وفقاً للكثافة السكانية، لأن تصاميمها تستوعب أعداداً كبيرة من التلاميذ والطلبة لضمان القضاء على الدوام المزدوج، لاسيما في المناطق الشعبية.
مجلس النواب
أعضاء من مجلس النواب يواصلون العمل مع المديرين العامين للتربية في بغداد والمحافظات بتفقد المواقع التي سيتم البناء فيها وضمن مبادرة المشروع الوطني لبناء المدارس (المدارس الصينية)، وحث مديريات البلديات على تقديم المساعدة الممكنة، وقد تم تبليغ المتجاوزين على الأملاك والأراضي بالمغادرة، لتسليمها إلى الشركة الصينية التي ستنفذ المشروع، وبالوقت الذي نبارك لهذه الخطوات، فإننا نأمل انجاز هكذا عدد كبير من المدارس في توقيتاتها الزمنية، ليدخل العراق في مرحلة تربوية
جديدة.
 
سلمنا التصاميم
وأعود إلى المهندس المعماري الدكتور حسن مدب المدير العام للمركز الوطني للاستشارات الهندسية، الذي أكد لنا أنه سلم جميع التصاميم مع جداول كمياتها التي اعدت من قبل مركزه الوطني للاستشارات الهندسية إلى الشركة الصينية للمباشرة باجراءات التنفيذ.
مؤكداً «أن الشركة الصينية اطلعت على جميع المفاصل التصميمية من أساليب وعناصر معمارية حديثة، تخدم الطالب العراقي في المستقبل القريب، وترفع الحاجة الفعلية لسد النقص الحاصل في محافظات العراق
للمدارس.
 
لغز لحين إكمالها
السؤال الذي يشغل أذهان الأسر العراقية، هل ستعد وزارة التربية ملاكات تعليمية وتدريسية خاصة بهذه المدارس التي ستستخدم تقنيات حديثة بالتعليم؟، وهل يمكن أن تكون هذه المدارس انموذجاً للتعليم المتطور الذي سيلغي الحاجة لمدارس المتميزين والمتفوقين والموهوبين؟.
أسئلة عديدة تبقى لغزاً لحين إكمال هذه المدارس وافتتاحها، عند ذلك لنا كلمة
أخرى.