تطبيق نظام الأتمتة الالكترونية يرفع إيرادات الجمارك والإعفاءات تفقدنا ترليون دينار سنوياً!

ريبورتاج 2022/02/16
...

  نافع الناجي
 
منذ أن شرعت الحكومة بتطبيق النظم التقنية الحديثة التي كانت إحدى ثمارها، المنصة الالكترونية التي اعتمدتها هيئة المنافذ الحدودية في منافذ البلاد البرية، والبحرية والجوية، شهد قطاع الجمارك نتائج وإيرادات ملموسة تحققت على أرض الواقع، فإلى جانب القضاء على الفساد وتزوير الأوراق الجمركية والضريبية، سجلت الهيئة زيادة كبيرة في الإيرادات المتحققة وبواقع اثنين وستين مليار دينار مقارنة مع الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي. 
زيادة الإيرادات
رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر الوائلي، قال في تصريح صحفي «في كل المنافذ توجد حاسبة الكترونية في البوابة النهائية لهيئة المنافذ الحدودية يتم من خلالها إجراء عملية التدقيق الالكتروني على الأوراق الجمركية كافة، لمنع نفاذ أو مرور أية أوراق مزوّرة وكذلك لضمان جباية الأموال الحقيقية الواجبة الدفع لخزينة الدولة».
وأضاف الوائلي «في العام 2020 ازدادت الإيرادات أكثر من العام 2019 بواقع اثنين وسبعين مليار دينار، أما في النصف الأول من العام 2021، فهنالك زيادة أيضاً بواقع اثنين وستين مليار دينار». 
مشيراً إلى أن «إجمالي الإيرادات المتحققة منذ مطلع العام الماضي وحتى نهاية شهر أيلول بلغت 947 مليار دينار، بينما كانت الإيرادات تبلغ 885 ملياراً خلال المدة ذاتها من عام 2020».
وكانت الهيئة العامة للجمارك، قد كشفت عن ارتفاع ايراداتها المتحققة للعام 2021 بنسبة 15 % عن العام الذي سبقه، إذ بلغت ترليوناً وملياراً وأربعمئة وثلاثة عشر مليوناً وثمانمائة وتسعة وخمسين ألفاً وثمانمائة وسبعة عشر ديناراً بينما كانت إيرادات 2020  تبلغ ثمانمائة وثلاثة وستين ملياراً ومئة وواحد وستين مليوناً وثلاثمائة واثنين وتسعين ألفاً وخمسمائة واثني عشر ديناراً.
 
إعادة النظر بالرسوم
وقالت الهيئة في موقعها الرسمي إنه تمت إعادة النظر في جميع فروقات الرسوم الجمركية على الشركات والتي تم استيفاء الجزء الكبير منها وكذلك التأكيد والمتابعة المستمرة على سلامة إجراء الكشف الدقيق على الإرساليات الواردة للبلد، ما أدى إلى تحقيق إيرادات عالية.
 وذكرت أنها ماضية بمضاعفة الجهود لرفع الإيرادات إلى أضعاف المبالغ المتحققة من خلال الخطة المعدة لرفد خزينة الدولة بالموارد المالية.
 
حماية الصناعة الوطنيَّة
حماية المنتج المحلي الزراعي أو الصناعي هي وجه آخر لأتمتة العمل في المنافذ الحدودية من خلال منع ادخال المواد الممنوعة من الاستيراد، وهي خطوة وجدها مختصون ايجابية لتشجيع الصناعة الوطنية وتحريك رؤوس الأموال وتقليل نسب
البطالة. 
الخبير الاقتصادي د. حكيم عاجل الجابري، أوضح لـ «الصباح» أن «استمرار الجهات المختصة بالتقيّد الصارم بالأتمتة، سيرفع من نسبة مساهمة الإيرادات من المنافذ الحدودية، وبالتالي نحمي الصناعة الوطنية بشكل جيد ونشجع رؤوس الأموال العراقية المهاجرة في الخارج للعودة والعمل في القطاع الصناعي المحلي»، مضيفاً إن «الركيزة الأساسية لتحقيق طفرة في مجال التنمية وبغية تقليص معدلات الفقر والبطالة، هو القطاع الصناعي، لأن الصناعة هي الأساس لأي اقتصادٍ مزدهر». 
 
 50 % إيرادات
النائب السابق د. هيثم الجبوري، قال: إن ثلاثة ملفات لو تم تفعيلها بشكل سليم وقانوني وعادل لتم رفع الإيرادات غير النفطية في العراق إلى حوالي 50% من الموازنة السنوية.
وأضاف «ملف الجمارك، وملف الضريبة، وملف الجباية والرسوم، هذه الملفات لو تم العمل على تفعيلها في الوضع الحالي وبالتسعيرة الحالية، فيمكنها لوحدها أن تجلب خمسين بالمئة من قيمة الإيرادات النفطية للبلد».
وزاد الجبوري أن «هنالك أيضاً رسوم عمل يمكن إضافتها على العمال الأجانب العاملين في العراق، وهؤلاء يستخدمون البنية التحتية كالشوارع والكهرباء والأبنية، وكل دول العالم تفرض ضريبة عمل، ونحن نمتلك 650 ألف عامل مسجل ولو فرضنا على كل عامل مبلغ مليون ونصف المليون دينار، فهذا يمنح الميزانية تريليون دينار سنوياً». 
مشيراً إلى أن «من واجب الجمارك فرض رسوم على هؤلاء العمال الأجانب حال دخولهم البلاد، وفي حال عدم الدفع يفترض إلغاء تأشيراتهم ووضع أسمائهم ضمن اللائحة السوداء ليمنعوا من دخول العراق مستقبلاً لمددٍ معلومة».
 
ترليون دينار
بنصوص قانونية وتشريعية أعفيت الكثير من المواد المشمولة بالإعفاءات الجمركية بضمنها المواد الإنشائية والصناعية والخطوط الإنتاجية الأخرى. 
وتتحدث الهيئة العامة للجمارك بأنها حققت نصف إيراداتها المالية من القيمة الكلية بإيداعها في خزينة الدولة لعام 2020، أما في العام 2021 فالعمل جرى وفقاً للاجراءات القانونية ذاتها، ولكن بحسب الحاجة الفعلية للمواد المستثناة. 
عادل سليمان مدير الشؤون القانونية في هيئة الجمارك قال: «ثمة نصوص قانونية بإعفاء الكثير من المواد لشمولها بالإعفاءات الجمركية، سواء كانت من ضمن قانون هيئة الاستثمار الوطنية أو في قانون الاستثمار الصناعي».
وأضاف إن «مبالغ إيرادات الجمارك في العام 2020 التي حققت او التي كان من المفترض تحقيقها وتوريدها لخزينة الدولة كانت بحدود ترليونين وربع الترليون، لكن نصف هذه المبالغ ذهبت بسبب شمولها بالإعفاءات الجمركية وبالتالي فما تحقق هو ترليون و (194) مليار دينار». 
ومن الجدير ذكره بهذا الصدد، أن إيرادات الجمارك العراقية للعام 2019 بلغت ترليوناً و(122) مليار دينار فقط.
 
شركات مخالفة وتحايل
يقول متابعون ومنهم الخبير الاقتصادي محمد المولى، إن «بعض الشركات الاستثمارية المخالفة للتعليمات المنصوص عليها، تتحايل للحصول على الإعفاءات الجمركية، لكون هذه الإعفاءات يجب أن تكون على مواد تخص مشاريعها الاستثمارية فقط». 
ويضيف «هناك إعفاءات جمركية من جهتين، أولاً إعفاءات للشركات، وهذا الأمر لا يجوز لأنه يشمل إدخال موادها التي تحتاجها في العمل فقط، وليس بأضعاف الكمية الأصلية». 
ويستدرك المولى «لأن هذه الكمية الأصلية ستنتقل بدون جمرك وبدون تعريفة جمركية، وبهذه الإعفاءات إلى السوق المحلية لتكون وارداً إضافياً»، وأضاف في تصريح لـ «الصباح»: «في الجزء الثاني هناك اتفاقيات عفت بعض دول الجوار بعددٍ من السلع تتجاوز العدد الأصلي الذي يمكن أن تنتجه ومن بين هذه الدول المملكة الأردنية الهاشمية»، لافتاً إلى أن «هذه الإعفاءات الممنوحة لدول الجوار أضرّت بالمنتج المحلي وجعلته بموضع منافسة غير عادلة مع المنتج
المستورد».
 
ضبط المنافذ
وشدّد الخبير الاقتصادي محمد المولى على أنه «لو تم ضبط المنافذ الجوية، والبحرية والبرية بشكل حقيقي وواقعي بدون مجاملات وبمعيارٍ واحد، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ستكون هناك مبالغ اضافية مجباة لخزينة الدولة بواقع 25 بالمئة ترفد الموازنة». 
وللحد من عمليات التهريب والتلاعب يشير متخصصون إلى التوجه نحو إنشاء مكاتب جمركية تثقيفية مستحدثة في المناطق الشمالية من أجل إعادة إيرادات مالية كبيرة إلى خزينة الدولة، فضلاً عن أن ضبط المنافذ بمختلف مواقعها سيرفد الموازنة العامة بإيرادات مالية غير نفطية، بنسبة أعلى من السنوات الماضية. 
 
 التهريب
إجراءات تطوير المنافذ الحدودية لم تقتصر على العمل الالكتروني فحسب، بل شملت أيضاً عدداً من البرامج والإجراءات التي تهدف إلى منع عمليات التهريب وخاصة النشاطات المضرة بصحة المواطن العراقي مثل توريد الأدوية والأغذية الفاسدة التي كانت تعجّ بها أسواقنا ومخازننا، فضلاً عن العجلات دون الموديلات المسموح بدخولها والسجائر الرديئة بأضرارها الصحية والبيئية المعروفة وغيرها من المواد. 
وبحسب اقتصاديين فإن تطوير العمل في المنافذ الحدودية والاعتماد على انتهاج الوسائل الالكترونية ونظام الأتمتة الحديث، سيسهم بشكلٍ فاعل في زيادة الإيرادات المالية وبالتالي رفد الخزينة والموازنة الاتحادية بأموالٍ إضافية وتقليل الاعتماد شبه المطلق على المورد الرئيس للاقتصاد العراقي المتمثل ببيع وتصدير النفط الخام، لكن الفائدة ستكون أكبر وأعم بتوحيد الضوابط والتعريفات المركزية لعموم المنافذ بما فيها منافذ اقليم كردستان، الذي تقع منافذه البرية والجوية خارج سيطرة السلطات الاتحادية ولا تملك وزارة المالية أي بيانات عن حجم إيراداتها المالية ولو بشكلٍ
تقريبي.