بغداد: رشا عباس
ما أن نستذكر الإرهاب حتى تعود بنا الذاكرة الى ما عانته المحافظات العراقية من ويلات ودمار كبير، ارهق الحياة برمتها الثقافية، بل وتعداه الى الطفولة وبراءتها وسلب حقوقها في معرفة الحياة الطبيعية الملونة، اذ خيَّم السواد على أحلامهم وعالمهم الجميل المليء بالحكايات المشوقة، وهذا ما جعل المثقف يعيش الوجع مرتين، الاولى لفقدانه السيطرة على الأمور والثاني حسرته على الأطفال
ومستقبلهم.
تحركات المثقفين بدأت تظهر تدريجيا حتى استطاع بعضهم الوصول إلى الأزقة وتسلل الى البيوت ليحول عالم الاطفال الكئيب الى ملون، من بينهم الفنان عبد الله جدعان، الذي أمضى حياته مربيا ومشرفا فنيا ومسرحيا قائلا “حاولت نشر الثقافة بين صفوف الأطفال وانقاذهم من الظلام واستخراج الإبداع بداخلهم في زمن الخوف والارهاب، اللذين سيطرا عليهم وسلبا طفولتهم”.
وأضاف جدعان: إن سيرتي بين عوالم أدب وفن الطفل تحمل سمات ومحاور تطول وتعرض، ومنها كيفية الوصول للطفل وتلبيه ذائقته الفنية والأدبية والابداعية، فوجدت نفسي كإنسان وفنان وأديب أحمل رسالة انسانية سامية، لا بدَّ من التضحية واجتياز شيء من الحظر والتحرك بصمت وروية صوب مجاميع الأطفال المتناثرة هنا وهناك في سكنهما، وجهد الإمكان استطعت أن أحقق الخطوة الأولى من خلال تواصلي مع الأقرب من حولي، ثم تدريجيا نحو البعيد، وكانت مجازفة مني في كيفية توصيل بعض الوسائل الترفيهية للأطفال، ليتواصلوا مع الثقافة في زمن كانت المجاميع الارهابية تراقب عن كثب تحركات الاشياء الجميلة ومحاولات كبحها.
وتابع جدعان الأعمال المسرحية والقصصية التي وزعت تتحدث عن إرادة الإنسان، وتبدأ من الطفل في صناعة مستقبله وأمانيه والوقوف بحزم ضد ما يخلفه الخراب وإلحاق الضرر بالبنية التربوية والثقافية للطفل بشكل خاص، فضلا عن تناول هموم وأماني ذوي الاحتياجات الخاصة وأطفال الشوارع والحديث عن ظروفهم وقصصهم للتخفيف عن معاناتهم، متمنيا من المؤسسات الرسمية المعنية بتربية وأدب الطفل بوضع آليات أكثر إدراكا لإنقاذ الطفولة من الضياع.