صورٌ رمضانيَّة في الدراما المصريَّة والمغربيَّة

استراحة 2022/04/17
...

غفران حداد
في الدراما العربية التي تعرض كل موسم رمضاني لم تحفل كثيرا بمظاهر شهر رمضان إلا في مشاهد قليلة، كذلك الحال في الأفلام العربية، خصوصا ما عرض منها في القرن العشرين مثل فيلم " ضربة معلم"؛  1987 إخراج عاطف الطيب  و" في بيتنا رجل" لبركات 1967  و" العزيمة" لكمال سليم عام 1939، وكان لشعائر شهر رمضان حضور مخجل للغاية.
 
في بيتنا رجل
كان فيلم " في بيتنا رجل " ببطولة تلمع بالنجوم من عمر الشريف وزبيدة ثروت ورشدي أباظة والسيناريو للأديب احسان عبد القدوس، على الرغم  من تعودنا على تقديم الأخير من نصوص سينمائية مميزة، لكن كان توظيف شهر رمضان في هذا العمل السينمائي ضئيلٌ، رغم الحدث الذي قدم لنا بخروج المناضل ابراهيم حمدي (عمر الشريف)، الذي قتل قريبه في مظاهرة على أيدي البوليس في الفترة ما قبل الثورة، فيقرر الانتقام بقتل رئيس الوزراء الخائن الموالي للإنجليز، فيحاول الخروج من بيت الأسرة التي لجأ إليها عقب انطلاق مدفع الافطار حتى لا يراه أحد، ولكن رغم دخول الرجل في إحدى ليالي رمضان والأسرة كانت حول مائدة الإفطار نلاحظ خلو المنزل من أية ديكورات تشير الى أننا في الشهر الفضيل، فلا وجود للفوانيس ولا زينة تتميز بها التقاليد، التي اعتادت عليها الأسر المصرية في هذا الشهر.
 
العزيمة
في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي كان شهر رمضان يمثل الموسم الذهبي للسينما، بل وعرض في شهر الصوم أشهر الأفلام المصرية وكان المنتجون يتنافسون لعرض أفلامهم في شهر رمضان، وتعتبر العوائل أجمل سهراتها الرمضانية تلك التي تقضيها في السينما بعكس الآن، حيث أصبح شهر رمضان موسم الإنتاج الدرامي والتلفزيوني.
بالعودة إلى أفلام سينمائية ظهر فيها شهر رمضان بتلميحات بسيطة  كان فيلم "العزيمة", بطولة فاطمة رشدي وحسين صدقي، اخراج كمال سليم وانتج عام  1939 حيث قدم  مشهد عابر  يجمع الجارين والحبيبين فاطمة ومحمد وهما يجلسان فوق السطوح يتحدثان وكان سماع دقة طبلة المسحراتي هي الشارة والرمز الوحيد الذي يعرّف المشاهد أننا في رمضان من دون التعمق في الأجواء والطقوس الشعبية الرمضانية، ومن دون الغوص في تفاصيل حياة الصائم من ازدحام بشري حول عربات بائعي العصائر الطبيعية ومحال الحلويات والمقاهي عقب الإفطار أو تعليق الزينة.
 
إضراب الشحاذين
ايضا من الأفلام التي استخدم فيها شهر رمضان كديكور زمني كان فيلم "إضراب الشحاذين"، والفيلم مأخوذ عن قصة بالاسم نفسه للأديب إحسان عبد القدوس،إنتاج عام 1967 ولم يعرف المشاهد أنه في شهر رمضان في الفيلم، الا من خلال الوليمة التي أقامها أحد  الاغنياء للشحاذين بعدها كان الفيلم كله يتحدث عن الكفاح والمقاومة ضد الإنجليز وهموم ومشكلات الشحاذين.
في العصر الحديث قدمت مؤخرا السينما المصرية فيلمين حملا طقوس رمضان وكانا من بطولة الفنان أحمد حلمي، الاول يحمل اسم "عسل أسود" عام 2010 اخراج خالد مرع، والثاني فيلم "إكس لارج " اخراج شريف عرفة عام 2011.
فيلم "عسل أسود" رصد الكثير من الطقوس الرمضانية من تجمع الأسرة معا حول مائدة الإفطار وتبادل طبق الحلويات الرمضانية بين الجيران، وصوت الشيخ محمد رفعت وهو يتلو القرآن ،إلى كل ما يمر ببطل الفيلم، وهو شاب أميركي من أصل مصري يعود إلى بلده الأم في شهر رمضان وهو صائم، فيفطر مع السائق الذي يوصله من المطار الى المنزل ومواجهته العديد من المفارقات الناتجة عن اختلاف الزمن والثقافات.
 
أهلا رمضان
في حين كان الفيلم الكوميدي "أكس لارج" يتحدث عن البدانة والشراهة في الطعام،  ومعاناة بطل الفيلم مجدي مع الصيام عندما يحل شهر رمضان، وفي هذا الشهر نجده يأكل بشراهة كبيرة في الإفطار ويستمر في الأكل حتى آخر وقت من ساعة السحور ورفع الأذان، وكان الفيلم يرصد الكثير من أوجه الحياة الرمضانية، مثل سماع صوت المطرب محمد عبد المطلب وهو يغني " أهلا رمضان" إلى الزينة والأضواء التي تملأ الشوارع، وكانت رسالة الفيلم واضحة وجميلة وتدعو الناس إلى الاقتصاد في المأكل والمشرب وان الصوم عبادة تدعو إلى الزهد لترويض النفس وإبعادها عن الشراهة وعدم تناول الطعام والحلويات إلى حد الاسراف والتبذير.
 
السينما المغربيَّة
بعيدا عن السينما المصرية وعند تصفح أوراق  السينما المغربية على سبيل المثال نجد الكثير من الأفلام التي تناولت شهر رمضان بطقوسه وتقاليده الشعبية ومراسيمه منها فيلم "ألف شهر وشهر" انتاج 2003، للمخرج المغربي فوزي بنسعيدي، وقد حاز به على جائزة الشباب  بمهرجان كان السينمائي ويحكي الفيلم قصة أمينة التي تلجأ برفقة ابنها المهدي إلى منزل والد زوجها  أحمد بإحدى قرى جبال الأطلس، بعد أن اعتقل زوجها عبد الكريم لأسباب سياسية، قد استحضر المخرج الكثير من طقوس العبادة في  رمضان، أبرزها ليلة القدر وقدم العديد من مظاهر حياة ويوميات المسلمين والمغاربة في رمضان، من انتظارهم هلال رمضان إلى استقبال اول ايام الصوم ثم مشاهد الطقوس الدينية والروحانية التي يعيشها الصائمون خلال أيام وليالي الشهر الفضيل.