سفاح عبدالكريم.. مفردة شعريَّة ناطقة

ثقافة شعبية 2022/04/28
...

 منذر زكي
 
امتاز الكثيرون ممن خاضوا معترك الشعر الشعبي، بسعيهم لتغيير محور القصيدة إلى نص ذي معالم ثقافية عميقة، بالمعنى التركيبي لها، وسهل بالمفردة الشعبية الناطقة، إذ دخلوا من بوابات الخيال الواسع وحدائق الصورة الرمزية التي كادت أن تكون شاملة للنصوص المطروحة حينها، هذا من جانب.
أما الجانب الآخر فهو النص الحداثوي في التركيب ممزوجاً مع النمط الكلاسيكي المباشر، والذي شاهدناه لدى روائع الشاعر اسماعيل الكاطع أما الشاعر سفاح عبد الكريم فامتاز بامتلاك نوعي الحداثة (الصورة الرمزية فقط، والصورة الرمزية والمباشرة معاً) إذ شوهد ذلك في نتاجه (شراع الضمير) .
نروح حلمين الشمسنه 
انبوگ خطوات النهار 
أونچفي حيل البينه بيهن بالليالي 
نمشي ويه الليل صفنه
 ليل وانظم التراچي
انخاف من الغربة وامراجف ضلعنه البلدرب من يحط عينه
انخاف والوحشه خيال اتدور بينه
اتطوف بالدم 
بالنفس تسبح .. تطشرنه بواچي
الوحشه عرس الليل
 تزحف بالغريب أوتمتلي
گلبه انهار 
واحنه اويه السفر نبته أو بعدنه ازغار
 
من النوادر التي تحدث في النص الشعبي، هو الاختلاف شكلاً ومضموناً لنص الشاعر عن النص الذي يليه، أي يكون بعيداً عن التشبيه الصوري للتركيب وليس في المعنى عن أبيات القصيدة الأخرى، ويحدث ذلك لسبب واحد فقط، هو لتعدد القراءات الثقافية والأدبية لمختلف أشكال الفنون، وبصورة متتالية من دون الانقطاع عن ذلك، وقد وجد هذا في دواوين الشاعر رياض النعماني وأيضاً الشاعر سفاح (أبو وليد) الذي نستشهد له بالمقطع التالي:
 
ياذاك الحچي الأول ولك أشهد 
حچي البلريح والكاغد 
حچي (العراف والكتال)
وصيتك يلمفرفح عطش جرف الحلم چذاب
صرت آنه الچذب 
والنيه بيضة اوياك 
والسچه التمر بيها نداوه أوباب
ارجع شيلك بيرغ .. عشايرنه ابرجه الغياب 
شگ اشراعك التعبان
خاف اتسافر اودرب البحر مفتوح 
 
ولم تقتصر أنامله على ما ذكر آنفاً فقط، وإنما اجتاز الوديان والسهول برحيق يافع، يخطف الأنظار بلهفة حبيب، ويجتاح الأفكار برونق مليء بالسرور، اغتنم مفرداته من عسل اللغة الشعبية، فراسةً منه لإضافة ما هو أجمل وصولاً للحدود التي رسمها في ذلك، نعم رغم الفراق، فالضوء في الليالي يدور، حيث سافر بما حملت أوراقه بحوراً، لملتقى المعرفة، احتوى البهجة طائراً في السماء، من دون رضوخه لأحد، فاللقاء آت لا محالة. 
 
نجمات السما الضاعن ..
ضواهن بالليالي أيدور 
عيد .. أو مهرجان .. أونورهن .. للصار
من تندهني غيرة صيف 
اسافر بالشعر بحار
واحلم بالحجي الينكال 
والفرحة التجيني امجنحة ابلا خوف 
ضحك اطفال 
واحلم بالتراب الجان يندهني
نواعيره ابنهر تعبان
والريح التغني ابدمه
تنكل كل عذابه ارمال