طالب الخفاجي أكثر العاشقين تعاسةً

ثقافة شعبية 2022/05/12
...

  سعد صاحب 
يحسد الإنسان على موهبة يمتلكها، أو على مال كثير له في المصارف، أو على عقارات ورثها عن أبيه، أو عن علم انفرد به لوحده، ويحسد الرجل على الحظ الذي يطرق عليه الباب، ويحمله بين يديه إلى شواطئ السعادة.
ويوفر له الكثير من الفرص السانحة،ويفرش طريقه بالزهور والأمان والرخاء، لكن أتعس الناس وأكثرهم قهراً، من يسير في جنازة الحب باكياً، ومن يحسد على أشياء، لم يذق منها سوى الألم والخوف والمواجع. 
العاشق محسود حتى على عذابه الأبدي، ومن فرط محبته يكتم العذاب، ويبدو في قمة الارتياح، أصابعه مدماة من لسعات الشوك الحادة، ويقول انظروا إلى هذا الحرير، وكم كان صبوراً على بعد اللقاء بالحبيب.
 تحمل الكثير من المشاق في طريق الحب، ومن لهيب العشق بان عليه السقام، وكثرة الهموم لا يكفيها دفتر الإحصاء الكبير، فالعقل مسلوب والفؤاد مجروح والروح تتلوى من الاشتياق، وجبال الحزن تنوء بها المتون، ولا قارب يأخذ المتيم صوب ساحل النعيم. ( على حبك يحسدوني ونه المحروم / على ايامك ينشدوني كلهه هموم / ويذكروني بلياليك / يناكوط وعذب ميك / واعيش اهواك من روحي ولو مظلوم). 
تغني الروح نشوانة كلما تطل عليها بحسنك الفاتن، وإن الرفاه بدونك محال، سعادتي تكمن في شقائي من ودادك، وبهجة سواي أن يعيش بلا شقاء، وهل يسعد من كان مغرماً، وفي الأرض ما أكثر الأشقياء المغرمين بعشق قاتل، أنا لا انتظر منك فائدة، وأدمنت الصدمات فلم تعد تخيفني صدمة، وصادقت الخيبات فلم تعد ترهبني خيبة، وتركت الركض وراء المباهج لأنها عصية المنال، البقاء في سجن محبتك أفضل من فضاء الحرية الواسع المفتوح، وما الحب سوى زنزانة مغلقة كلنا فيها 
نقيم. 
(اغنيلك جنت من روحي اغنيلك / يغنيلي الفرح واسمع مواويلك / تعودت والله عليك تعودت / شبدلك يا عيني ليش تبدلت / ان غيروك ما غيروني / ان بدلوك ما بدلوني / واعيش اهواك من روحي  ولو مظلوم). 
 
غناء
أغني وأنت لا تستعذب هذا الغناء الكئيب، ولا تدري بطائر سجين يغني لصياده الماهر، فلا تلمني على غنائي الحزين، فأنا أول شيء تعلمته على صدر أمي البكاء، يصعد من شفاهي على هيئة أناشيد سماوية عذبة، أنا لا أغني كي أوقظ الهموم في القلوب، بل من أجل شفاء الجراح، ولا أحد يفهم معنى أغنياتي، ولا يسفر الترديد عن منفعة مادية، وإنما إذا بقي الصوت محبوساً في الداخل، يقضي على صاحبه، فالناي الذي لا يطلق أنغامه الصادحة، يتكسر من شدة الغضب، وهذه مواويلي مزيج من العشق والبلوى والألم والموت والمستحيل.
(اغنيلك ولو ما تدري اغنيلك / لحن كلبي عشك والله مواويلك / تعودت والله عليك تعودت / ما يهمني لو شريت ولو بعت / الغيروك ما غيروني / البدلوك ما بدلوني / واعيش اهواك من روحي
ولو مظلوم).