الرّحّالة البغداديّ ابن فضلان في بلاد الصّقالبة

منصة 2022/05/12
...

  حسين محمد عجيل
في مثل هذا اليوم، الخميس الثاني عشر من أيار، ولكن قبل 11 قرناً، بلغ الرّحالة والدبلوماسيُّ البغداديُّ أحمد بن فضلان، مبعوث الخليفة المقتدر بالله العبّاسيّ إلى ملك الصقالبة، مقصدَه الأخير في تلك المملكة التي لم يعد لها وجود، وكانت تقع آنذاك في أقصى نهايات العالم المعمور، عند شاطئ نهر الفولغا شمال شرقيّ أوربا، بعد رحلة شاقة ومبكرة في تاريخ الرّحلات العربيّة القديمة.
 
ووثّق هذا الرّحالة المغامر وقائع رحلته في كتاب انبهر به العالم فتُرجم من العربيّة إلى معظم اللغات الحيّة، واستوحت هوليود قصّته المثيرة فأنتجتها في فيلم ملحميّ شهير، وقد وصلتنا كثير من أحداث الرّحلة وفصولها عبر كتاب "معجم البلدان" للمؤرّخ والجغرافيّ الشهير ياقوت الحمويّ، قبل أن تُكتشف مخطوطة الكتاب الوحيدة المبتورة النّهاية مطلع القرن العشرين.
 
أسباب البعثة ومراحل السفر
بيّن ابنُ فضلان في الأسطر الأولى من كتابه المعروف بـ "رسالة ابن فضلان" أسباب بعثته إلى تلك المملكة قائلاً: "لمّا وصل كتابُ ألمش بن يلطوار ملكِ الصّقالبة إلى أمير المؤمنين المقتدر يسأله فيه البعثةَ إليه مِمَّن يُفقّهه في الدّين، ويعرّفه شرائعَ الإسلام، ويبني له مسجداً وينصب له مِنْبراً ليقيم عليه الدّعوةَ له في بلده وجميع مملكته، ويسأله بناءَ حصنٍ يتحصّن فيه من الملوك المخالفين له، فأُجيب إلى ما سأل من ذلك".
وبهذا انفرد ابنُ فضلان عن سائر الرّحّالة العرب الأوائل، بأنّه قدّم لحظةَ اتصالٍ حضاريٍّ نادرةَ المثال بين عالمين شديدي التّباعد، رابطةً على نحو فريد صقعاً في أقصى العالم، لمّا يتدرّجْ بعدُ في سلّم الحضارة، ببغداد المدينة التي كانت تعدّ مركزه الأكثر تحضّراً، وأقول نادرة المثال لسببين: الأوّل قِدمها قياساً إلى معظم المتداول من الرّحلات العربيّة، فقد حدثت في مفتتح القرن الرّابع للهجرة (العاشر للميلاد)، والآخر تسجيلها في كتابٍ أدبيٍّ غنيٍّ بالتقاطاته النّادرة، فكان شاهد العيان الوحيد، والموثّق الذّكيّ، على لحظة انجذاب المدار البعيد إلى المركز طوعاً لا كرهاً. انطلق ابن فضلان من بغداد يوم الخميس 11 صُفَر سنة 309هـ، الموافق ليوم 21 حزيران سنة 921م، مع أعضاء البعثة من رجال دولة ومساعدين، مشرفاً على المعلّمين والمرشدين، وحاملاً إلى ملك الصّقالبة (وهي مملكة تاريخيّة أزالها المغول في القرن الثالث عشر للميلاد) رسالةَ الخليفة وهداياه، في رحلة طويلة وشديدة الخطورة، استغرقت نحو 11 شهراً، قطع فيها أعضاءُ البعثة آلافَ الأميال بين الوديان والجبال والبراري والمفازات والأنهار الكبيرة، مارّين بكبرى مدن شرقيّ العالم الإسلاميّ وممالكه وأقاليمه وحواضره من كرمانشاه إلى خوارزم، ليخترقوا بعدها أراضيَ وقِفاراً ممتدّةً وسهوباً ثلجيّة تقطنها قبائل التّرك الوثنيّة آنذاك، ثمّ ليجوسوا خلالَ مجاهل جنوبيّ روسيا، عابرين أنهاراً كبرى، مختلطين بشعوبٍ وقبائلَ وممالكَ متباينةِ الثّقافات والعادات والمعتقدات، حتّى وصلت البعثةُ إلى مقصدها القصيّ ، يوم الأحد 12 أيّار من سنة 922م.
وبمراجعة خرائط الدّول الحديثة، يظهر أنّ مسار البعثة اخترق أراضيَ ست دول، هي: العراق، إيران، تركمانستان، أوزبكستان، كازاخستان، وروسيا الاتحاديّة، فضلاً عن جمهوريّتين في الاتحاد الرّوسيّ حاليّاً، هما: جمهوريّة باشقورتوستان التي أطلق ابنُ فضلان على سكّانها في رحلته تسمية (الباشغرد)، وجمهوريّة تتارستان التي تقع في أراضيها حاليّاً آثار مدينة بُلغار التاريخيّة وكان الصقالبة يسكنون هذه الأراضي آنذاك قبل أن تصبح موطن شعب تتارستان.
 
ابن فضلان يصف استقبال ملك الصّقالبة
كان من حسن الحظّ أنّ مخطوطة هذا الكتاب النّفيس، نجت من عوامل الطّبيعة والاندثار فعُثر عليها في مدينة مشهد بإيران سنة 1923، بعد أن سقطت منها أوراق غير معلومة العدد توثّق رحلة العودة إلى بغداد.
حظيت مخطوطة الكتاب باهتمام المؤرّخين والباحثين الأجانب قبل العرب، وحُقّقت نسختها العربيّة وصدرت عن مجمع اللّغة العربيّة بدمشق سنة 1959، ونُشرت في أكثر من طبعة (من المؤسف أنّها نُشرت كلّها خارج العراق)، وعُدّت الرّحلة المصدر الأهمّ والأقدم الذي أرّخ لحياة الرّوس وشعوب آسيا الوسطى وشمال شرقيّ أوربا، في وقت لم يكن معظمها قد تعلّم التّدوين وكتابة التّاريخ.
وصف ابنُ فضلان في كتابه، يوم وصوله إلى مقصده الأخير والتّرحاب الذي لقيه هو وأعضاء البعثة، فقال: "فلمّا كنّا من ملك الصّقالبة، وهو الذي قصدنا له، على مسيرةِ يومٍ وليلةٍ وجّه لاستقبالنا الملوكَ الأربعةَ الذين تحت يده وإخوته وأولاده، فاستقبلونا ومعهم الخبز واللّحم والجاورس [حبوب الدُّخن] وساروا معنا.
فلمّا صرنا منه على فرسخين تلقّانا هو بنفسه، فلمّا رآنا نزل فَخَرَّ ساجداً شكراً لله جلّ وعزّ، وكان في كُمّه دراهم فنثرها علينا، ونصبَ لنا قِباباً فنزلناها.
وكان وصولنا إليه يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلةً خَلَتْ من المُحرَّم سنة عشر وثلاثمئة، فكانت المسافة من الجُرجانيّة إلى بلده سبعين يوماً، فأقمنا يوم الأحد ويوم الاثنين ويوم الثّلاثاء ويوم الأربعاء في القِباب التي ضُربت لنا، حتّى جمعَ الملوكَ والقوّادَ وأهلَ بلده ليسمعوا قراءة الكتاب، فلمّا كان يوم الخميس واجتمعوا، نشرنا المِطْرَدَيْن [اللواءين] اللّذين كانا معنا، وأسرجنا الدابّةَ بالسُّرج الموجّه إليه، وألبسناه السَّوَادَ وعمّمناه، وأخرجتُ كتابَ الخليفة، وقلتُ له: لا يجوز أن نجلس والكتاب يُقرأ. فقام على قدميه هو ومَن حضر من وجوه أهل مملكته، وهو رجل بدين بطين جدّاً.
وبدأتُ فقرأتُ صدرَ الكتاب، فلمّا بلغتُ منه «سلامٌ عليك فإنّي أحمدُ إليك اللهَ الذي لا إله إلّا هو»، قلتُ: رُدَّ على أمير المؤمنين السّلام، فردّ وردّوا جميعا بأسرهم، ولم يزل التّرجمانُ يترجم لنا حرفاً حرفاً، فلمّا استتممنا قراءته كبّروا تكبيرةً ارتجّتْ لها الأرض".
 
يوم وصول ابن فضلان عيد وطنيّ
شكّل وصول بعثة ابن فضلان إلى مملكة الصّقالبة حدثاً حضاريّاً غيّر مسارات التّاريخ في تلك الأرض وسكّانها، ولا يزال لذلك الحدث تداعياته حتّى اليوم، فقد اعتاد أبناء شعب تتارستان وأسلافُهم الصقالبة البُلغار، أن يحجّوا حاملين الرّايات إلى موقع مدينة بُلغار البائدة من مناطقهم القريبة والبعيدة في ذلك اليوم من كلّ عام، في مسيرة جماعيّة راجلة مرتدين ملابسهم الوطنيّة. وفي سنة 2010، قرّر برلمان جمهوريّة تتارستان عدّ يوم وصول ابن فضلان للعاصمة القديمة بلغار اليومَ الوطنيَّ لهذه الجمهوريّة ذات الأغلبيّة الإسلاميّة داخل الاتحاد الرّوسيّ، وقد سعت تتارستان في العقدين الأخيرين لإحياء مدينة بُلغار، وصرفت 100 مليون دولار في مشروع ترميم أو إعادة بناء مساجدها ومآذنها التّاريخيّة، وفي إقامة متحف كبير يضمّ المصاحف والمخطوطات واللقى الأثرية، تتوسّطه فسيفساء كبيرة نُفّذت في إيطاليا تمثّل مشهد وصول بعثة ابن فضلان ولقائه بالملك، ولحظة قراءته عليه كتاب الخليفة.
 
ريادة ابن فضلان واستلهامه فنّيّاً
استلهم الأدب والفنّ في العالم مأثرة ابن فضلان، ومن نماذج ذلك لوحة شهيرة للرسّام الرّوسيّ هنري سميرادسكي (843  - 1902م)، محفوظة في المتحف التّاريخيّ بموسكو حاليّاً، ورواية «أكلة الأموات» للأمريكيّ مايكل كرايتون الصّادرة سنة 1976 وحقّقت أرقام مبيعات غير مسبوقة، ثمّ أنتجت فيلماً هوليوديّاً شهيراً سنة 1999 بعنوان «المحارب الثّالث عشر» مثّل دورَ ابن فضلان فيه الممثلُ الأسبانيّ أنطونيو بانديراس، وشارك معه النجم المصريّ عمر الشّريف، ثمّ أُنتجت مسلسلاَ عربيّاً بعنوان «سقف العالم»، على ما تسبّب به هذا الاستلهام الرّوائيّ والسّينمائيّ والتّلفزيونيّ من تشويش واضطراب طال بعض الأوساط العلميّة، ونتج عنه خلط مؤسف لدى كتّاب وباحثين عرب بين النّصوص التّاريخيّة والخيال الرّوائيّ الجامح في الرّواية، الذي نقله إلى البلاد الاسكندنافيّة مع أنّه لم يطأها.
 
قصّتي مع ابن فضلان
كنتُ قرأتُ مبكّراً أشتاتاً من الموادّ عن ابن فضلان في الدّوريّات العربيّة، فشغفتُ به وبرحلته قبل أن تتسنّى لي قراءة كتابه كاملاً، فشدّتني هذه الرّحلة على نحوٍ غريب، وأخذتُ مع السّنين أستعيد قراءتها وأتوسّع في الاطّلاع على كلّ ما له صلة بالكتاب والكاتب- الذي لم يُعنَ معاصروه من المؤرّخين بترجمته في كتبهم- وبعصره الذي شهد أقصى ازدهار بلَغته الثّقافةُ العربيّةُ الإسلاميّةُ، وأسجّل ملاحظاتي على ما أقرأ، فتراكم عندي شيء كثير من التّصويبات والاستدراكات والإضافات على الكُتّاب والمحقّقين، وبالتّزامن مع هذا الشغف البحثيّ، كنتُ أترقّب حلول ذكرى مرور 1100 عام على انطلاق الرّحلة التي صادفت يوم 21 حزيران 2021، متمنّياً أن أشهد بلادي وقد احتفت برحّالتها الفذّ في ذكراه، كما تفعل الأمم الحيّة حيال رموزها، فالعراق أولى من غيره لإحياء هذه الذكرى التي لا تتكرّر إلّا كلّ قرن، ولعلمي بما أصاب البلاد ومؤسّساتها من ركود، رأيتُ أن أستبق المناسبة بوقت كافٍ فأبادر بتقديم مشروعٍ متكاملٍ إلى وزارة الثّقافة، بوصفها الجهة الرّسميّة المنوط بها رعاية مثل هذه النّشاطات، فسلّمت المشروع للوزارة يوم 21/ 6/ 2019، قبل حلول الذّكرى بسنتين، ليمكن تهيئة كلّ المتطلّبات التّنظيميّة بنجاح، مقترحاً تنظيم عدّة فعّاليات ترعاها الوزارة بالتنسيق مع وزارات الثّقافة في الدّول التي مرّت بها البعثة، بمفردات تليق بفرادتها وبسمعة البلاد، وكنت آمل أن يلقى مشروعي الاهتمام، وأن تتبنّاه الوزارة وتُغنيه، وأن تسعى لتأمين تخصيصات ماليّة مناسبة له في موازنتها لسنة 2020 و2021، لكن سرعان ما تبدّدت هذه الآمال، وقد وثّقتُ تفاصيل المشروع المُغتال إهمالاً في مقالة بعنوان "11 قرناً على انطلاق بعثة ابن فضلان من بغداد إلى شماليّ أوربا.. كيف سيحيي العراقُ هذا الحدثَ الحضاريّ في حزيران المقبل؟"، غطّت الصّفحة 21 من عدد جريدة (الصّباح) ذي الرّقم 5022، الصّادر يوم الأحد 17 كانون الثّاني 2021. وحين ظهرت تلك المقالة كان ثمّة بصيص أمل بأن تنفّذ الوزارةُ المفردات القابلة للتّنفيذ من المشروع بعد أن داهمت جائحةُ كورونا العالمَ، كأن تُصدر طبعةً عراقيّة محقّقة من الرّحلة، وتخاطب منظّمةَ اليونسكو لإدراج يوم انطلاقها ضمن المناسبات التي تحتفي بها المنظمة الدّوليّة سنة 2021، تعريفاً للعالم بالمنجز الحضاريّ العراقيّ عبر العصور، وتصدر طابعاً تذكاريّاً بالمناسبة، وتعلن عن مسابقة لتنفيذ نصب يشمخ بإحدى ساحات بغداد...
ولكن حين حلّت الذّكرى يوم الاثنين 21 حزيران 2021، مرّ ذلك اليوم بصمتٍ مؤسفٍ في بغداد وعموم العراق، ومن دون أيّ استذكار لتلك المأثرة الحضاريّة سوى مقالةٍ لي نُشرت في جريدة (الصباح) بعنوان "انطلقت من بغداد في مثل هذا اليوم قبل 11 قرناً- رحلة ابن فضلان احتفاء في العالم ونسيان في العراق"، غطّت الصّفحة 21 من عدد الجريدة المرقّم 5146 الصّادر في صبيحة ذلك اليوم التّاريخيّ.
 
عدد خاصّ من (المورد) عن ابن فضلان
لم يكن النّشر بالصّحافة اليوميّة ومخاطبة وزارة الثّقافة سبيليّ الوحيدين لإحياء هذه الذكرى، فقد كنتُ في نهاية سنة 2020- حين وافقتُ على عرضٍ للعمل بصفة مدير تحرير لمجلّة (المورد) التّراثيّة المُحَكّمة الصّادرة عن دار الشّؤون الثقافيّة العامّة- اقترحتُ- ضمن جملة مقترحات لتطويرالمجلّة ضمّتها ورقة عمل استغرقت 18 صفحةً- على هيئة التّحرير إصدار عدد خاصّ من المجلّة عن ابن فضلان ورحلته الفريدة، استعادةً لتقاليد كانت ترعاها هذه المجلّةُ العريقةُ في سنوات مجدها، فحظي المقترحُ بالموافقة، وبذلتُ مجهوداً كبيراً لإنجاز هذا العدد الخاصّ، ابتداءً بالتّكليف والمتابعة والمراجعة والتّدقيق، ومروراً بإعدادي جملةَ موادّ نُشرت فيه، منها أوّل ببليوغرافيا شاملة عن ابن فضلان في المصادر والمراجع العربيّة قديماً وحديثاً، تضمّنت بيانات متكاملة عن 300 مصدر ومرجع، بالتّزامن مع كتابتي أوسع بحث في هذا العدد الخاصّ جاء بعنوان: "علاوة على «معجم البلدان» و«آثار البلاد» و«عجائب المخلوقات»- الكشف عن أربعة مصنّفات عربيّة قديمة اقتبست نصوصاً لابن فضلان"، وليس انتهاءً بتصحيح تجارب الطّبع أكثر من مرّة، وتصميم الغلاف، ومتابعة التّفاصيل الفنّيّة، وتسبّب هذا الضّغط المتواصل بمشاكل في عينيّ، حتّى حذّرني الطّبيب من مجرّد القراءة لبضعة أشهر.
كان بحثي المذكور أعلاه هو إجابة عن سؤال لا يزال يشغلني، كيف تظلّ رحلة ابن فضلان الأدبيّة، بثراء كشوفاتها المتعدّدة الأوجه، بعيدةً عن تناول أقلام المؤلّفين العرب القُدامى، بحيث لم تُذكر، ويُقتبس منها، سوى في ثلاثة مصادر هي كلّ ما أسفرت عنه جهودُ المستشرقين والمستعربين والباحثين العرب، طوال 220 عاماً من البحث والتّحرّي الدّقيق عن أيّة معلومة أو إشارة صريحة أو مضمّنة في هذا المجال له ولرحلته؟ وكثيراً ما كنتُ أتساءل، عمّا يمكن أن تُخفيه بطونُ المخطوطات العربيّة القديمة، من إشاراتٍ ونقولٍ غير مكتشفة حتّى اليوم، قد تُظهر بعضاً من تجلّيات النّصّ الفضلانيّ في مؤلّفات سبقت الحمويّ والقزوينيّ أو تلتهما. 
وقد حفّزني ذلك على البحث المُضني في خزائن المخطوطات في العالم، أملاً في الكشف عمّا يضيف جديداً إلى حيّز دراسته، وقد ظفرتُ بهذا بعد جهدٍ جهيد، حين وُفّقتُ إلى الكشف عن أربعة مؤلّفين قدامى، ذكروا ابن فضلان، واقتبسوا من رحلته في مصنّفاتهم الكوزموغرافيّة، وهم:
1. علي بن عبد الرّحمن بن شبيب الحرّانيّ، في كتابه "جامع الفُنُون وسلوة المحزون".
2. ابن الورديّ الحفيد، سراج الدّين عمر بن المظفّر، في كتابه "خريدة العجائب وفريدة الغرائب".
3. الكاتب المجهول الذي جمع كتاب "مرآة الكائنات شرح عجائب المخلوقات" المخطوط.
4. ابن إياس الحنفيّ، في كتابه المخطوط "نشق الأزهار في عجائب الأقطار". ليزداد بذلك عدد الكتب التّراثيّة التي تناولت ابن فضلان واستقت من رحلته ونصّت على اسمه إلى سبعة كتب.
وحين صدر هذا العدد الخاصّ من (المورد) في صيف 2021- وهو أوّل عدد خاصّ تُصدره المجلّة منذ سنة 2001- مُصَدَّراً بافتتاحيّةٍ كتبتُها بعنوان "فضلا أحمد بن فضلان"، ومزداناً ببحوث معمّقة لنخبة من الباحثين والكُتّاب والمترجمين العراقيّين والعرب، شعرتُ بأنّني قدّمتُ أخيراً لذلك الرّحّالة الفذّ ولتاريخ بلادي العريقة جزءاً من استحقاقهما.