رياض النعماني

في فضاء الكليات الذي يشرف على فراغ العالم ، وقبل أن تتشكل البداية التي تسبق البدايات، ثمة صغار حروف تولد في عسل بستان اللوز الذي سيصنعه حرير اللغة، وترسمه أوليات  الضوء في غموض إشارات توحد بين اللهب والماء، الحياة والموت، ويكون الشيء نقيضه المغير الذي يحاور فيه الكامل نقصانه، ويكتمل في نقصان جديد لا يتوقف عن حركته المتوجهة نحو المستقبل، وهذا علم لا يدركه إلا الموغلون في طريق السر، ومعاينة بذرة تشكل فيها الروح الكلي، لحظتها تجتمع جميع الأزمنة والاتجاهات لتشهد وتعاين وتبارك ولادة الكوكبي الجديد في الذات الواحدة التي لا يتعدد الوجود إلا في اهابها الفرد، ولا يكون الجزء سوى في جوهر كليتها الربوبي الذي خلقت في مفردات ضبابه الأول، وشعاعه البكر كائنات الفرادة (أنبياء، مصلحون، ثوار، شعراء، فنانون) 

   مظفر النواب هو أحد هذه الفرادات - الكائنات التي تظل تجوب أبعاد الوجود لآلاف السنوات، وتولد ملايين المرات في ملايين الأفراد والأشكال والعناصر، ودونما نهاية تظل تضيء إلينا من بعيد طرقات الكون المترامية والمتشابكة .

 هناك.. هناك  في الماوراء، وفي سر الأسرار التي لا يصلها أو يدركها سر ..  

كأس  فكأس 

  نشوة فنشوة

  زهرة ثم زهرة

  مسك  ومسك

  عشق   فعشق 

    ونغمة بعد نغمة 

   تتخلق ملايين العصافير لتكثف زرقة فجر واحدة تبدع للزمان أغنية واحدة سماها المعجز مظفر النواب .

روح برتقالي  تدور في روح العالم، وتبدع جماله وتسهم في صناعة مستقبله وعظمة قصائده التي

لا تموت.