حمزة مصطفى
لطمنا الصدور وشققنا الجيوب، لأن أسئلة الثالث متوسط لمادة الرياضيات، تمَّ تسريبها فجرا قبل صياح الديك الفصيح.
حزنا وبكينا لأن الصباح الذي أدرك شهرزاد لا علاقة له "بسوالف" شهريا "المكسرة"، على مدى ألف ليلة قبل الليلة الأخيرة، ليلة تهريب الأسئلة، التي تناسلت أسئلة كل سؤال ينطح سؤال، قبيل أن توصد المدارس أبوابها صباح الامتحان الذي يكرم المرء فيه أو يهان من قديم الزمان.
ما أن تمَّ الإعلان عن تسريب الأسئلة حتى بدأنا جولة جديدة من جلد الذات والوطن والدولة والحكومة والوزارة والوزير والمديرية والمدير.
وضعنا الجميع في خانة واحدة أو سلة واحدة، أو مثلما يقول السياسيون عند تشكيل الرئاسات أيام عز التوافق والتوافقية، قبل ظهور سالفة الأغلبية الوطنية، التي هي لا شرقية ولا غربية "بكج واحد"، وخابرني إذا افتهمت شي".
أوصدت أبواب المدارس بانتظار البحث عن الفاعل الذي يجب أن ينال جزاءه العادل.
من بين الأسئلة المذبوحة والمطروحة على قارعة التكهنات، يطفر سؤال "مال واحد زهكان"، هل الفاعل فرد حتى نقبض عليه ونأخذه "كودة بند" الى القاضي مكبل اليدين من خلاف، حتى لا يكون بيننا على العقوبة اختلاف؟ إذا كان فردا، فلماذا كل هذا اللطم والجلد وشق الجيوب، وكأن الطوفان قد حلَّ ولم يعد أمامنا سوى التهيؤ لركوب سفينة جديدة للنجاة من غضب الله على هذا الوطن المبتلى بسرقة الأسئلة، ليس اليوم، بل من "قالوا بلى"؟.
فعند انتشار خبر الأسئلة المسربة المتسربة استذكر أبناء الأجيال الماضية قصصا عن التسريب والتهريب في العراق منذ عهد حمورابي إلى اليوم، لكن لم يقل أحد إنها كانت مؤامرة من أجل تدمير التعليم.
كل ما جرى استذكاره أن العقوبات كانت صارمة، بل تصل أحيانا الى حد الإعدام.
إذن سرقات الأسئلة بحد ذاتها ليست جديدة، لكن الجديد فيها سرعة الانتشار والتساهل في العقوبة.
وبالتالي إذا كان الفاعل الجديد ليس فردا، بل منظومة فساد متكاملة، فماذا عن الفاعل القديم؟ كان يحذر كثيرا لأن العقوبة صارمة، وكان الانتشار محدودا.
مع ذلك فإن هبتنا الوطنية دفاعا عن شرف الأسئلة الرفيع، الذي يستحق أن نعلق على جوانبه في ساحة التحرير الدم المراق من مجموعة الحرامية والسراق تستحق الإعجاب، شريطة أن تمتد إلى كلّ السرقات والموبقات في كل الميادين والمجالات.