سرور العلي
يلجأ كثيرون إلى مشاركة تفاصيل حياتهم اليومية، وخصوصيتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال فتح البث المباشر، الذي قد يستغرق لساعة أو أكثر، ونشر تفاصيل يومهم من دون التفكير بالعواقب والمساؤى اللاحقة، ويبدو الأمر للوهلة الأولى مسلياً وعفوياً، ولا يتعدى كونه نقلاً للحظات الفرح والحزن والامتنان، وكل ما يقوم به الناشر في يومه المعتاد، ما يجعله ضحية للحسابات الوهمية، التي تسيء له بترك تعليقات سلبية أو تستخدم أسلوب التنمر، فيشعره بالضيق وربما الاضطراب النفسي.
وبعد ما كانت تلك المواقع هدفها نشر الخبرات والأفكار، وتبادل المعلومات عبر القارات، أصبحت اليوم مرتعا للتباهي، بما يملكه البعض من سيارات فخمة، واكسسوارات وثياب ذات ماركات عالمية، وذلك يعرضهم في كثير من الأحيان للغيرة والحسد، ويشعر غيرهم بالنقص والبغض، والمقارنة والتقليد الأعمى من دون وعي.
ويغفل البعض النتائج الوخيمة لنشر تفاصيل يومهم على السوشيال ميديا، التي قد تعرضهم للاختطاف لطلب الفدية من ذويهم، أو السرقة أو ارتكاب عملية إجرامية، ويسهل كذلك من عملية اختراقهم والوصول إليهم، ويؤدي ذلك أيضاً إلى العزلة الاجتماعية، وابتعادهم عن العالم الحقيقي، ما ينعكس سلباً على صحتهم النفسية، وقد يصيبهم بالاكتئاب، إذ لم ينالوا التفاعل الذي يطمحون إليه.
ويفضل البعض الآخر عدم نشر خصوصيته على هذه الوسائل، ويقدسها ويعتبرها أسرار يجب ألا يطلع عليها غيرهم، وبسبب تسارع العولمة، وانقياد البعض وراء التكنولوجيا، اهتزت الثوابت والقيم والتقاليد المتعارف عليها، فأصبح اليوم مناقشة الخلافات الزوجية أمام الجمهور المتابع، وأطباق الطعام قبل أن تتناول يتم التقاط إليها الصور ونشرها، بينما كنا سابقاً نحتفظ بخصوصيتنا، ومنعها عن المقربين منا.
وكل ذلك يتطلب منا الحذر من نشر معلوماتنا، والوعي بما نتركه في حساباتنا، وترك مسافة آمنة بيننا وبين المستخدمين الآخرين في العالم الافتراضي، والابتعاد عن التشهير بالآخرين أو الإساءة لهم، وعدم نشر محتوى غير لائق، ونشر الأشياء الإيجابية والباعثة على البهجة والسعادة، والابتعاد عن تقليد الآخر في السوشيال ميديا، لا سيما وأن كثيرين منهم في العالم الافتراضي لا يظهرون على
حقيقتهم