أقبال المياحي
ما يعانيه العراق اليوم وللأسف، وجود طبقة سياسية واسعة ومتشعبة، منتظمة في أحزاب وكتل ومسميات مختلفة، أغلبها قارعت نظام البعث الشوفيني ورفضت تسلطه على رقاب الشعب العراقي، والقسم الأكبر من أولئك الساسة أمضوا سنوات طوال خارج العراق، فمنهم من عاش في بريطانيا مهد الديمقراطية، أو استقر في أميركا وكندا، والعديد من دول أوروبا، فهم على معرفة حقيقية بالمبادئ الديمقراطية، والدولة المدنية، ولديهم تصور تام عن دور القانون، والثقافة، والتعليم، والشفافية، والرفاه، والعلاقات الدبلوماسيه المتوازنة على أساس المصالح المشتركة، في ترصين بناء الدولة وضمان أمنها ومستقبلها.
ولهذا يشعر المواطن العراقي بالغرابة والاستفزاز، من عموم الطبقة السياسية، وهو يشاهد ذلك الأداء السياسي المتعثر، القائم على التقاطعات وكسر الإرادات ولي الأذرع، وغياب المشروع الوطني، وتغول الجماعات المسلحة، وغياب القانون وضياع هيبة الدولة، واعتماد التوافق والمحاصصة أسلوبا في الحكم وشغل المناصب، وهذا الاندهاش والتساؤل من قبل الشعب، يأتي نتيجة عامل الوعي الذي يتسع وينتشر وبشكل متسارع، ما بعد التغير، حيث الانفتاح والحريات الواسعة، والاطلاع على ما يجري في العالم من خلال الانترنت وتطور وسائل الاتصال.
فهل يعقل لطبقة سياسية عاشت وتعلمت وعملت سنين طوال وسط مجتمعات التقدم والرفاه والحداثة، أن تخوض غمار معترك حراك سياسي قائم على أساس الثقافات الفرعية والأيديولوجيات الشمولية، والمصالح الضيقة الرخيصه؟، التي لم يجنِ الشعب منها سوى الخيبات، وضياع الفرص وسوء الخدمات ونهب الموارد والأموال.
لا نجادل أبدا في قدرة ساسة العراق على تصحيح المسار، ومعالجة الأخطاء بعد أن أصبحت كالشمس وضوحا، والشجاعة والحكمة الوطنية تقتضيهم جميعا أن يضعوا مصالح بلدهم نصب أعينهم وينزعوا عنهم جلباب المحاصصة والتوافق، وقلب صفحة العشرين سنة الماضية، بصفحة بيضاء نقية قوامها الشفافية والوحدة الوطنية، والرجل المناسب في المكان المناسب، والتوزيع العادل للثروة، وحقوق الانسان، والتمدن والرفاه.