مُعَلّقون على مذبح الديمقراطية

آراء 2022/06/08
...

 رعد أطياف
 
قد يحلو لنا التكلم عن «تحول ديمقراطي» في العراق الجديد؛ تحول على صعيد الفكر والسلوك والعمل المؤسساتي. لكن ما نتعايشه يومياً لا يعطينا علامة بارزة على هذا التحول المهم. شهدنا  عمليات تحول واسعة في البلد، لكنّه تحولٌ لم يلامس البنى السياسية العميقة؛ هنالك انتخابات دورية، وتعددية حزبية، وتبادل سلمي للسلطة، ودستور ديمقراطي، غير أن المشكلات السياسيَّة، التي نتعايشها كل دورة انتخابية تعزز لدينا قناعات مفادها: بأن الديمقراطية في العراق ما زالت ورطة، لأنها لم تتأسس على قناعات راسخة بقدر ما تسهم بتعزيز أسس المحاصصة، التي درجت عليها القوى السياسية الحاكمة كمنجز من منجزات الديمقراطية!. إذ ما زلنا حتى الآن نعاني من فوبيا الأغلبية، فإذا كنّا متوجسين من أهم مبادئ الديمقراطية، فكيف سنطمئن على مشروع التحول الديمقراطي في 
العراق؟. 
نستنتج، سواء من النصوص التي كتبت بهذا الشأن أو من الواقع، أنه إن كان ثمّة ورطة تكبّلت بها نخبنا السياسية فهي الديمقراطية. لأنها تحتاج إلى قناعات راسخة من أن الديمقراطية هي الكفيلة بإعادة تشكيل واقعنا السياسي كضد نوعي للاستبداد، غير أن مسار الأمور لا يعزز لدينا مثل هذه القناعات، ولا يعطينا أدلة كافية، خصوصاً أن كل المخاضات التي مرت بها العملية السياسية هي مخاضات وهمية لا تؤدي الغرض المطلوب، وهو نظام سياسي مستقر. ومن يراهن على الصيرورة كآلية «طبيعية» للعملية السياسية التي شهدها العراق الجديد، فهو رهان مُستعجل ولا تؤكده الوقائع السياسية. قد يقال إن عقدين من الزمن ليست حقبة تاريخية طويلة تصلح كمقدمة قياسية تمدنا بنتائج كافية، وتاريخ الشعوب التي شهدت تحولات ديمقراطية خيرُ دليل على ضعف هذا الاستنتاج. هذا صحيح بعمومه، لكنه يفتقر إلى شرط جوهري، وهو العثور على رغبة أصيلة بالتغيير، وهذا ما يعوزنا حتى هذه اللحظة، بمعنى أن الدوافع السياسية ما زالت ليست بمستوى الطموح، خصوصاً إذا تعلق الأمر بالمسار الديمقراطي، فستغدو هذه الأخيرة نصاً غامضاً تتوارى فيه الكثير من المعميات والألغاز، ونعثر على الكثير من المسكوت عنه والمستحيل التفكير فيه، ليفضي بنا في نهاية المطاف إلى «رطينة»  سياسية. يكفي أن ننظر للانسداد السياسي الجاري، فهو يمدنا بأحكام منطقية وواقعية عن محنة الديمقراطية في العراق، وعن انعدام الرغبة في التغيير الحقيقي، وعن فشل التحول الديمقراطي في هذا البلد. نعم يمكننا التكلم عن صيرورة، لكن بأي معنى؟ أنها صيرورة لا تفضي بنا إلى وليد واضح الملامح، وإنما إلى مسخ 
مشوه