بمناسبة ذكرى رحيله.. عزيز السماوي شاعر الرمز والعوالم المتفردة

ثقافة شعبية 2022/06/08
...

 سعد صاحب 
باعتقادي أن سر اهتمام الشاعر بالرمز، ليس لاخفاء شيء لا يريد الإفصاح عنه، بل هو قضيته الكبرى لاحتواء العوالم المبهمة، وكتابة صور متمردة تتفوق على الشعر ذاته، والرمز يولد من تجارب خاصة، تتزود من الاختلاف والتميز والخصوصية والبراعة، والولوج في أنماط شعرية عديدة، والاجتراح النابع من فكر حر وجوهر أصيل، والغموض القابل للفهم والإدراك والانكشاف، وتهييج المعاني المتشعبة في العقول الواعية. 
(انه وياك / عرك حن للجفوف وجاك / ضوه بليل السفر وياك / اموت هناك / وما هزك صبر روحي / ولا سولف ضمير وياك).
 
استنزاف 
لا تمركز في قصيدة السماوي سوى التبعثر المقصود، سوى الإيماء والصمت و الغياب والاستنزاف والاستبدالات الجديدة، والانغماس في المتاهة حد التشظي، ومقاتلة الأشباح المتقافزة في ظلمة ليل قبيح، محاط بالهاوية والانحدار والموت والبشاعة. (وياخذ طيوفك خدر / تضوي ايام المضت بين الحلم والنوم / تاخذنه صلاه وندور / ويردني خجل ازرك / حنين الروح غاد يفيض / يلتم عالرمل لهناك / جيحة ماي ماي ازرك ). 
 
مناخ 
في القصائد الكثير من الرؤى الكاشفة لما وراء الواقع 
ومنها : العطش والجوع والظلمات والشحوب وتغيير مجرى الأنهار. (احجي بسوالف عطش / وشفافي صارن بيض / والريه تيبس غفل / مايك لغاد يفيض). كذلك كتب عن شحة المياه وأزمة الغذاء وانقطاع المطر. (كلبك سفينة حقد / تمشي ابحور الغيض / بسكوت مات الشته / والكيظ شايل كيظ ). وهو من الأوائل الذين استخدموا مفردات المناخ والعواصف والدخان والأتربة، وإن كانت رموز الطبيعة تأتي بدلالات سياسية واضحة. (وتاخذني العواصف غاد / اوج كل المسافه اتراب). 
 
حلم 
الحلم عند الشاعر حالة من الوعي المضاء بذكريات ملحة، مطمورة في أعماق النفس المظلمة، الباحثة عن منفذ للخروج إلى النور، فهي ملت من الركود والاندثار والسبات والإشباع، وتريد الصعود إلى أبراجها المشرقة، وتمضي بحماسها المعهود ولا يقف أمامها المستحيل. (يفيض الماضي نهر ازرك /  صلاة جفوف من تعرك / واجيك من الحزن موال / يسولفني نذر للناس / وما بين الحلم والنوم / شمس ذكراك ما تبرد). 
لا يكتب القصيدة على عجالة، ولا يباشر بتدوينها إلا بعد أن تفرض نفسها عليه بشكل كامل، وهي تتغدى من تجارب مختلفة أهمها : مواجع الذات ووحشة الواقع والتأمل الميتافيزيقي، والمراوحة في دائرة مغلقة، ومحنة المثقف في عالم متخلف، وخيالات متشابكة من الحلم والامتناع والمصادفة والوهم والتراجع. (يا ثكل ذاك الحزن / كبر الخطوه ورجع لسنين / ظلت بالتراب ذنوب / سولفت ويه الصخر حن للصخر ايوب / لا بي تطيب النفس / ولا روحي منه 
اتوب).