قصف إسرائيل لغزّة يُماثل تأثير الأسلحة الكيمياوية

بانوراما 2022/06/11
...

  بيثان مكيرنان
  ترجمة: شيماء ميران
يقول تقرير حقوقي فلسطيني، إن القذائف الاسرائيلية التي اُطلقت على مستودع الكيمياويات الزراعية خلال حرب العام الماضي على غزة عمودا من الدخان السام ترك سكان المنطقة يعانون من مشكلات صحية.
وبحسب التقرير الذي حلل الهجمة وأثرها فقد بلغت الضربة الجوية الاسرائيلية على مستودع الكيمياويات الزراعية خلال حرب العام الماضي كأنها انتشار غير مباشر للاسلحة الكيمياوية.
 
فقد استهدفت القذائف المدفعية الحارقة التي اطلقها الجيش الاسرائيلي منتصف ايار من العام الماضي مستودع «خضير» للادوية والادوات الزراعية شمال قطاع غزة، ما أدى الى اندلاع الحريق في مئات الاطنان من المبيدات الحشرية والاسمدة والبلاستيك والنايلون، وخلّفت هذه الضربة عمودا من الدخان السام، الذي غطى مساحة نحو ستة كيلو مترات مربعة، تاركا السكان يعانون من  مشكلات صحية، بضمنها الاجهاض ومؤشرات عن اضرار بيئية.
استخدم فريق التحقيق نماذج ثلاثية الأبعاد للمستودع لتحديد ظروف القصف الاسرائيلي للمواقع الفلسطينية، وتضمن تحليلا للقطات الهواتف المحمولة وصور طائرات الدرون وكاميرات المراقبة وعشرات اللقاءات مع السكان المحليين وتحليلا للذخائر من قبل خبراء تفاعل السوائل.
ويعد هذا التحقيق اول نشرة لوحدة التحقيق الجنائية التابعة لمنظمة «الحق» وهي من منظمات حقوق الانسان الفلسطينية، وقد اعتمد بحث المنظمة التي مقرها غولدسميث بجامعة لندن على تحليلات اعلامية ومكانية للمنظمة وقضايا حقوق الانسان الدولية.
 
قصف متعمد
استخلص خبراء قانونيون مما توصلت إليه منظمة الحق بأنه ومع استعمال الاسلحة التقليدية في القصف، فإن استهداف المستودع بالقذائف وبعلم مسبق بوجود مواد كيمياوية سامة مخزونة فيه، فإنه عمل مساو لتأثير الاسلحة الكيمياوية بوسائل غير مباشرة. وبات واضحا أن هكذا أعمال محظورة، وتُعرّض مرتكبيها للمحاكمة وفق نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية.
يقول خبير الذخائر كريس كوب سميث: «لا يوجد تبرير عسكري لإستخدام قذائف دخانية متطورة في تلك المواقع، فهي قذائف غير دقيقة من الأساس ولا يناسب استخدامها في البيئة الحضرية».
فقد لقي 256 شخصا حتفهم في غزة و14 آخرين في اسرائيل خلال الحرب التي وقعت بين اسرائيل وحركة حماس العسكرية الفلسطينية، ودامت احد عشر يوما. وأوضحت منظمة الحق أن استهداف مستودع خضير كان الاول ضمن سلسلة هجمات متعمّدة استهدفت البنى التحتية الصناعية والاقتصادية لقطاع غزة، فضلا عن التفجير الممنهج لما يقارب عشرة مصانع ومستودعات اخرى.
في عام 2019، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا بشأن جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية على الاراضي الفلسطينية، وترفض اسرائيل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
 
آثارٌ مميتة
وبعد مرور ثمانية اسابيع على القصف عانت إسراء خضير، ذات العشرين ربيعا، من الاجهاض في الشهر الخامس من حملها، حيث تعيش مع زوجها وطفليها على بعد اربعين مترا عن موقع مستودع الكيمياويات.
يقول زوجها إيهاب (26عاما (:»استمرت الرائحة التي لا تطاق لعدة اشهر، وكأنها محرك سيارة ممزوج مع دهن محترق، او مياه صرف صحي مع غاز الطبخ، لذلك ايقنا طبعا انها ستكون مؤذية»، ويضيف: «أنا وأغلب الناس بالمنطقة نعاني من طفح جلدي منذ ذلك الحين، ورغم إننا غسلنا البيت والاثاث خمس مرات لكن الرائحة ما زالت موجودة، كما لو أن زيتا يغطي الجدران. وفي نهاية المطاف جرفت مياه الامطار في الشتاء الكثير منه بعيدا عن انقاض المستودع. واليوم نحن قلقون على صحتنا، إذ ان عمتي وأحد اقاربي البالغ من العمر تسعة عشر عاما اصيبوا بالسرطان مؤخرا ونعتقد ان له علاقة بما حدث هنا».
مثلت المواجهة العام المنصرم الجولة الثالثة من الصراع واسع النطاق بين اسرائيل وحماس، منذ ان سيطرت الحركة على غزة عام 2007، ثم فرضت مصر واسرائيل الحصار على القطاع. ومنذ ذلك الحين، انهارت البنى التحتية والكهرباء والماء ومياه الصرف الصحي، تاركة أكثر من مليوني فلسطيني يعانون من التعامل مع هواء وتربة وماء ملوثة بمستويات متصاعدة.
وتعرضت منظمة الحق التي تعمل في غزة والضفة الغربية لهجوم من قبل السلطات الاسرائيلية، ففي العام الماضي، ورغم كونها واحدة من ست منظمات حقوقية بارزة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، لكنها صُنفت كمنظمة ارهابية من قبل الاسرائيليين، ما جعل الأمم المتحدة والحكومات الغربية ومنظمات دولية بارزة، كمنظمة العفو الدولية، تُدين القرار بشكل واسع.
وقالت رولا شديد، رئيسة قسم المراقبة والتوثيق لمنظمة الحق في تصريح لها: «بدون توثيقنا المحترف القائم على معايير قانونية، لن يتمكن الفلسطينيون من المطالبة بالمساءلة والعدالة، ويعد تقديم مناهج جديدة لتعزيز وتكملة معايير التوثيق لتقديم عملنا أمرا في غاية الاهمية»، مضيفة: «نحن فخورون جدا، لانه رغم الهجمات غير المشروعة والاوقات العصيبة التي يمر بها الفلسطينيون والمجتمع المدني، لا زال بإمكاننا الاستمرار والتقدم بعملنا، ويعود ذلك الى ايماننا القوي بأهمية فضح الانتهاكات ضد شعبنا ومساءلة الجناة».
 
عن صحيفة الغارديان البريطانية