رحيم عزيز رجب
تأتينا بغتة تتغلغل حياتنا دون اذن أو إنذار أو إشعار ربما تعاطاه أحد أبنائنا أو أصدقائنا أو أقاربنا أو رب أسرة انكب على أسرته وعانى شظف العيش. يقض مضجعنا يشتت أسرنا ويفرق بين أزواج. هي حبات ذهبية تبلع. أو حفنة من البودرة تشم. أو حقن مدمرة تزرق. تهدم بيوت و تخترق جدار منزل أسرة ابتلى أحد أفرادها بتعاطيها، وقد أدمن عليها وأسرف على ثمن شرائها مهما كلفته، ليدفعها دون تردد او تفكير لينال ما يناله من لذة ومتعة مؤقتة، تؤدي به إلى الهلاك سريعا. غير مبال بمصدرها وكيفية الحصول عليها، سوى الوصول إلى هدفه وغايته المنشودة. ليصل إلى رحلة الانهيار النفسي والمعنوي والبدني ليستقر في قاع الحضيض والسقوط نحو الهاوية. وضحية شبكة عنكبوتية توقع فرائسها من الشباب بمختلف الأعمار والفئات، تذهب سنويا دون أن ينتفع المجتمع من طاقاتهم الشبابية الواعدة في البناء والتطور، ليتحول إلى مجتمع مريض هزيل، تسوده حالة البؤس والشقاء والضياع. وجيوشا من الفئات العمرية المعطلة التي لا نفع فيها . سوى تركها أجسادا خاوية مدمرة تقبع بين أروقة وزوايا هياكل الأبنية المظلمة، حتى لتصل الإحصائيات الأخيرة اليوم إلى أعداد مهولة ومفزعة حين كشفت مديرية المخدرات والمؤثرات العقلية التابعة إلى وزارة الداخلية عن حصيلة رسمية، تمثلت بإلقاء القبض على 17000 متهم بالتعاطي وتجارة المخدرات في العراق خلال 22 شهرا فقط. فما يحتاجه اليوم ملف المخدرات لا يقتصر على الجهات الامنية للقبض على مهربي المخدرات وإيداعهم الحجز، ولكن بالتنسيق العالي وتكاتف جهود الوزارات والمؤسسات، فهو ملف شائك ومتشابك يحوي بين طياته. الكثير من المهتمين كالمجتمع المدني والشبابي والصحي، وحتى الأوقاف الدينية من خلال التوعية الدينية والوعظ والخطب التوجيهية المؤثرة للشباب، وبالتالي فإن معاملة المتعاطي على أنه مجرم. فيه عدم إنصاف بالغ، ولا بدَّ للحكومة أن تأخذ دورها في التوجه إلى بناء مؤسسات تأهيلية لمعالجة هذه الآفة الخطيرة. ولا تقتصر على مستشفى واحد وبامكانيات محدودة، مع التاكيدات الرسمية والتي تشير إلى نحو 50% من الشباب العراقي الذين يتعاطون المخدرات، فنحن أمام هجمة شرسة من المهربين والمروجين والمتعاطين من المدمنين. والتي كانت من أهم اسبابها وانتشارها، رفع العقوبات عن المتاجرين بالمخدرات، ناهيك عن التماهل والهوان والرعاية السياسية والحزبية لبعض المتاجرين، فلم يكن العراق يوما يعج بمظاهر المخدرات والمدمنين، فهو بمنأى كان لحد كبير عن هذه الظاهرة والاتجار بها، بفعل القوانين العقابية الصارمة والرادعة، والتي كانت معتمدة ضد المتعاطين والمتاجرين بها، والتي تصل لعقوبة الاعدام. اليوم نحن امام مفترق طريق واعادة الحسابات الأمنية، من خلال ضبط الحدود مع دول الجوار، وعدم التغاضي أو التساهل والمحسوبية والمنسوبية، حتى بات العبور منها أمرا طبيعيا حتى تتم المتاجرة بها، كما لوكانت أغذية أو ألبسة أو دمى أطفال.