الشكاوى المنسيَّة

آراء 2022/06/12
...

 حسب الله يحيى
 
تنتشر في الدوائر الحكومية صناديق أنيقة، كتب على كل منها (صندوق شكاوى المواطنين)، يتم وضعها في مكان بارز وعناية فائقة في مبنى كل دائرة، ومثل هذه الصناديق تحتوي على شكاوى مختلفة، كما تنشر الشكاوى كذلك في الصحف المحلية، وتحفل الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ومثلها أجهزة التواصل الاجتماعي، التي تنقل شكاوى ومآسي المواطنين، التي تتطلب الرعاية والاهتمام والحلول من قبل الحكومة :
غير أننا لا نواجه سوى الصمت والإهمال والتغاضي وعدم الالتفات اليها، لا من قريب ولا من بعيد، الأمر الذي يجعلنا ندرك أن آذان الحكومة صماء عن قضايا شعبنا الملحة، ذلك أنها عاجزة عن حل أي مشكلٍ من المشكلات، التي نعانيها في الأمن والغذاء والدواء والتعليم والبطالة والخدمات العامة. 
في وقت يتطلب الأمر من الحكومة، أن تكون آذاناً صاغية ومتابعة وراصدة لجميع المشكلات المحيطة بنا، والتي لا يمكن حلها ومعالجتها، الا من قبل الأجهزة الحكومية، التي وجدت أصلاً لمعالجة أي خلل في تقديم خدماتها .
إنَّ معاقبة موظف أو إبعاد مسؤول عن مهامه والمجيء بآخر غير كافية، ذلك أننا ليست بنا حاجة إلى تغيير وجوه، وانما نحن بأمس الحاجة إلى من يعالج المشكلات، التي تثقل على كواهلنا وتجعلنا نعيش في واقع مر، لا قدرة لنا على وضع معالجة له،  فهو من مهام الحكومة وليس من مهام المواطن .
صحيح أن المواطن يتحمل جزءاً من المسؤولية في هذه القضية او تلك او هذه المحنة او سواها. ولكن دخول الحكومة بوصفها الممثل والمعبر، الذي يحمل إرادة المواطن ويرعى حقوقه، يتطلب تدخلها بشكل مباشر، لا أن تنتظر حلولاً من مواطن لا قدرة له على حماية نفسه من إهمال وتجاوز الآخرين على حقوقه العامة .
إنَّ الأحوال المزرية في حياتنا لم تعد تطاق، وحاجاتنا الملّحة في كثير من حياتنا اليومية، تحتاج إلى تدخل ومعالجة سريعين من قبل الأجهزة الحكومية، لا أن تترك هكذا ومن دون علاج، ومن دون رقابة على كل ما يلحق الضرر بالمواطن من قبل الآخرين، الذين يسلبون حقوق الآخرين، التي منحتها الدولة عموماً لحياتهم ورعاية حقوقهم. 
إلا أن الامور بات يحكمها أفراد لهم مصالح فردية ضيقة وفئوية محدودة على حساب المجتمع، الذي بات يعاني من ثقل هذا الواقع العصي على الحل. فكيف إذا كانت كل هذه الشكاوى الذي يعلنها المواطن في شكاواه داخل الدوائر، وحتى في التظاهرات العلنية، وكذلك في أجهزة الإعلام المختلفة، التي لا يلتفت إليها أحد، على الرغم من وجود أقسام للاعلام في كل دائرة من الدوائر الحكومية.
ترى إذا لم تكن هذه الأقسام الإعلامية تراقب وترصد شكاوى ومطالب المواطنين، فما هو عملها إذن سوى تبييض وجوه المسؤولين وتقديم الدعاية لـ (منجزاتهم)، التي لا يعظمها سوى عظمة الجلال؟ ولله في خلقه
شؤون.