المشهد {الكعكي}

آراء 2022/06/13
...

 حسين الذكر
 
بمعزلٍ عن الوضع السياسي القائم في العراق منذ 1980 تحديدا حتى الان، وبعيدا عن التحالفات الخارجية والداخلية ومن دون الخوض بتفاصيل الأجندات والتحزب والتكتل والتوافق، وغيره من مصطلحات دخلت بقوة الى الساحة العراقية السياسية والشعبية ما بعد 2003 تحت جنح الانفتاح والديمقراطية، إن الصور المزرية التي تعيشها المدن عامة– عدا محافظات كردستان– وقراها وشوارعها ومدارسها وبيئتها وناسها، غير ذلك الكثير مما يصنف تحت خط الفقر او دون ذلك، برغم كل مليارات الدولارات التي تدخل سنويا الى الخزينة العراقية، من خلال شفط مياه بحر النفط التي أنعم الله بها، علينا لكننا لم نتحسس طعمها، الا بنزر مرير مغمس بالحروب والدم والتسلط والتشتت حد التشرذم.
كثير هي الشعارات التي تملأ الصحف والفضائيات ومعارض الانترنت بكل محتوياتها وتعدد واجهاتها، فضلا عن منظمات المجتمع المدني، وكذا الحزبي المغرقة للمجال العام بلا استثناء، الا أن الواقع كما عهدناه منذ الولادة حتى اليوم لا ينبئ بشيء جديد، وكل عام نقرأ ونسمع ببرامج وخطط تحت عناوين: (سيتم وتنجز وتفتح وتتحقق)، لكن الأرض ما زالت مجدبة، والناس تعاني العطش التقني والحضاري والنفسي والمادي، بل وحتى الروحي الذي تدنى بشكل كبير ظهرت بوادره وخطورته، من خلال الغزو الثقافي والانحطاط القيمي، الذي هزَّ وجدان وضمير المجتمع جرّاء الأخطاء، التي وقعت بها الطبقة السياسية بلا استثناء، وهي تمارس الحكم بذاتية ونرجسية مفرطة، لم تأخذ بالحسبان الا مصالحها دون الالتفات الى ما ال اليه وضع العراقيين، فضلا عن موقع العراق العلمي والحضاري والدبلوماسي والسياحي والديني، الذي تترنح تحت الكثير من الملفات الملتهبة. 
القضية برمتها تتطلب إعادة حسابات، اذ لا يمكن أن تعود الجرة مثل كل مرة، والا يكون المشهد (الكعكي) هو الحاكم والفيصل والمهيمن، فلا بدَّ للقوة التنفيذية أن تأخذ دورها وتضع النقاط على الحروف، في زمن كل العراقيين يعون ما يجري بالعلن والخفاء، بصورة بدت السياسة مكشوفة جلية، تحتاج الى عصرنة جديدة بلا خداع بلا دجل بلا رياء بلا استحمار، فإن العراق حري بن يعود الى موقعه الحضاري العالمي، وأن يكون للعراقيون دورهم المعهود في النهضة العربية والشرق الأوسطية، بل والعالمية كامتداد لحضارات سومر واكد وبابل والإسلام. 
ثمة شواهد كثيرة تتطلب إعادة التشكيلات والنظرات التطبيقية، لتاخذ مداها في التنفيذ بعيدا عن الاجندات قريبا من الوطن الأم، وذلك لا يتم الا بتفاني الطبقة السياسية، عبر تشكيل حكومة قوية قادرة على فرض سلطان العدل والتحضر والحريَّة والمساواة واعادة البناء التام، وعلى الطبقة الفكرية والنخبة أن تكن ساندة برسم الخطوط العريضة والخفيفة الآن وفي المستقبل، والله من وراء القصد!