د. محمد وليد صالح
الصحافة الحرة اتسمت بدفاعها الشجاع عن حقوق شعبنا وطموحاته وحريته ومصالحه، عبر تأريخها الطويل، منذ يوم الخامس عشر من شهر حزيران والإعلان عن انطلاق صحيفة (الزوراء) في بغداد عام 1869، مع إيقاد شمعتها الأولى، وسعي المؤسسات الإعلامية المتواصل لامتلاك الكفاية المهنية العالية، من اجل صناعة خطاب الدولة عبر الإعلام الأفضل على مستوى المنطقة، بواسطة المحترفين والمتدربين لمساعدتهم في فرز الدفق المعلوماتي، وتوفير التوجيه اللازم لبناء قدرات الصحافيات والصحافيين، بما يتلاءم مع هذه الظروف أمر حيوي، فضلاً عن اكتمال مضامين الحماية لهم عبر استجابة حكومية كاملة لمتطلبات هذا المجتمع والتحديات التي يواجهها، وتعزيز الثقة وطرائق التعامل الناجعة بين القوات الأمنية ومنظومة العدالة والقانون. وتلبية الحاجة لوجود تشريعات كفيلة بتجسيد آلية السلامة الوطنية ومكافحة الإفلات من العقاب ومواكبة لبيئة الاتصال والإعلام الرقمية، عن طريق تعاون هيئة الإعلام والاتصالات ومجلس القضاء الأعلى ووزارتي الداخلية والدفاع ونقابة الصحافيين ومنظمة اليونسكو، من أجل إعداد ميثاق شرف صحفي داعم، يجمع كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المحلية منها والدولية، لتنظيم بيئة العمل الإعلامي، وتحديد واجبات العاملين وضمان حقوقهم. إذ كان الحصار الرقمي لمهنة الصحافة شعارا رفعته منظمة اليونسكو في احتفائها باليوم العالمي لحرية الصحافة، وإطلاق مشروع «كسر حاجز الصمت» بمرحلته الثانية بعد مضي خمسة أعوام لتعزيز المساءلة الحكومية والمتابعات القضائية لحماية الصحافيات والصحافيين، فضلاً عن إحياء دورهم في نشر قيم الديمقراطية والحوار والسلام ومفاهيم المواطنة وتضحياتهم في المعركة ضد الإرهاب، وقدرتهم على الإسهام الخلاق في مواجهة الإعلام المضاد. فالمنتج المرئي والمسموع والمقروء أصبح عابرا للحدود، في ظل العصرنة الفضائية والالكترونية بواسطة آليات التسويق في شبكة المعلومات العالمية، فرسالة الإعلام الموجهة ليست محلية، وانما إقليمية ودولية والجمهور المستهدف بكل تنوعاته واختلافاته، بفضل التطبيقات المستحدثة ضمن الفضاءات الافتراضية وأوعية التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال، فأهداف خطة التنمية المستدامة العالمية السبعة عشر المعتمدة من الأمم المتحدة قبل ثماني سنوات، من أجل كشف انتظامات حركة بنية المجتمعات البشرية وتطورها، للقضاء على الفقر وحماية الكوكب وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار بحلول عام 2030. عن طريق إعداد السياسات العامة وتحديد معايير حرية الرأي والتعبير، والحد من الانتهاكات وسلامتهم من الاختفاء القسري والتحرّش والتنمّر ورفع مستوى الوعي، واعتماد عمليات الرصد وإعداد التقارير وتطوير الإمكانات وتبادل الخبرات وإجراء البحوث والدراسات المختصة، فضلاً عن إعداد «مشروع واعدون» لتنمية مهارات الشباب الإعلامية، ومزج دراستهم النظرية العلمية بالواقع وممارسة المهنة، وهم طلبة ليكسبوا مؤهلات تضاف إلى شهاداتهم الجامعية بعد تخرجهم، لتمكينهم من دخول سوق العمل الصحافي، بوصفها نهج الشراكات العالمية ومشروعها
الشامل.