سعد العبيدي
كاد يتفق العامة في العراق وبعض من الخاصة، على وسم تعامل الفرقاء السياسيين مع الواقع الناتج عن الانتخابات الأخيرة بالخطأ، (انسداداً سياسياً واسع النطاق)، كذلك يكاد أن يتفقوا هم وغيرهم على أن هذا الخطأ تسبب في التجاوز على الدستور
خطأً كان ولا يزال هو الأكثر خطورة من بين جملة أخطاء، أثرت سلباً في الأمن والاستقرار، وهم في اتفاقهم واختلافهم يدركون أن المشكلة ليست في آليات التعامل مع هذه الأخطاء، التي تواجه غالبية الديمقراطيات الفتية في عموم المجتمعات البشرية، بل وفي الإصرار على فرض الرأي الأحادي لما يتعلق بمسألة التعامل، حيث الاعتقاد الجازم لكل طرف من الأطراف المتصارعة بصحة رأيه، رأي وحيد، واستغلال وضعه البرلماني لفرض هذا الرأي، وتعطيل أي رأي مقابل يصر على أنه خطأ، وكأننا عدنا إلى الصحراء، إلى أيام التغالب البدوي، حيث الاعتقاد بأحقية الرأي الواحد المنحاز، والركون الى استخدام القوة في فرض هذا الحق بالتعامل مع الأطراف المقابلة في الزمان والمكان المحددين.
إن روح التغالب المتبقية في نفوسنا بالعراق، هي التي تدفع على ما يبدو طرفي الصراع (التيار والاطار) في ساحة السياسة العراقية الحالية للتعامل مع موقف الانسداد، وبما يخل كثراً في استقرار البلاد، ويطيل أمد المعاناة، ويعطل النمو، أضراراً ستضاعف مشاعر العداء كماً في نفوس المتصارعين والمتفرجين من العامة والخاصة، قد يدخلهم في دوامة تغالب لا تنتهي الا باستخدام وسائل الفرض بالقوة، كما كانت تفعل القبائل في سالف الزمان، علماً أن فرض الرأي بالقوة على ضوء سيكولوجيا التغالب، ضرر سيتجاوز المواطن العادي، وسيطول طرفي الصراع، حتى المنتصرين منهم باستخدام القوة، فيما اذا استخدموها ميدانياً، لأن المواطن أي الناخب بطبعه، غير مستعد أن يعطي صوته ثانية لمن يستخدمه سبيلاً لفرض الرأي بالقوة؛ أو بمعنى آخر سيخسر الفرقاء المتغالبون، الصوت الانتخابي الذي استمدوا منه القوة.