عصام كاظم جري
إنَّ حريَّة الإعلام تصب في الوصول الى الدقة في المعلومات، ولا شك أن حريَّة التعبير حق من حقوق الإنسان، ويشمل هذا الحق حريَّة اعتناق الآراء، دون تدخل من أي طرف، ومن المؤسف أنْ نشهد تراجعا في مؤشر حريَّة الصحافة في العراق الى المرتبة (172) من بين (180) دولة في حريَّة الصحافة للعام 2022، وذلك بحسب تقرير "مراسلون
بلا حدود.
تعدُّ هذة المرتبة نذير شؤمٍ في طريق الإعلام الهادف والداعم لقضايا المواطن.
إن حريَّة إبداء الرأي والنقد البنّاء قد كفلها الدستور، ولكن أين حماة الدستور من تشريعاتهم؟ لهذا عليهم الوقوف بوجه كل من يريد مصادرة الرأي الآخر، ويخشى صوت الإعلام الحر والنقدالبنّاء.
إن الإعلاميّ المهني هو ذلك الكائن الذي يشير الى مواطن الخلل، فهو لم يحملْ سلاحا أو منصة صواريخ، ولن يغطي الحقيقة بثوب رمادي، إنه صوت الحق، لماذا هذا التحامل على أصحاب الرأي الحر؟ نكتشف يوما بعد يوم تضامن المواطنين مع حريَّة الفكر والتّعبير، لا سيما في ظل الظروف التي يمرُّ بها الوطن من غياب للخدمات وتفشي الفساد، الذي أصبح القضاء عليه ديدناً وطنياً يرفعه الجميع .
يقف المواطنون متضامنين مع الإعلاميين وغيرهم من المثابرين في اجتراح النوايا السّليمة، لما يتعرضون له من مطاردة ومحاكمة بسبب كشفهم لملفات فساد، أو للتّعبير عن رأيهم الصحفيّ.
وصار المواطن يتبنى هذا التضامن في الموقف أكثر من غيره، وظل يرفع صوته الى الجهات الحكومية عبر وسائل التواصل وغيرها بضرورة الحفاظ على حريَّة التّعبير، وعدم تنكيس الأقلام الحرة التي تنشد لإيصال الحقيقة، وقد رفض هذا الصوت رفضاً قاطعاً محاكمة أي صحفيٍّ بسبب إبدائه لرأيه الصريح ضمن المعايير السّليمة، واستنكرَ اعتماد القوانين التي سنـتـَّــها الدكتاتورية واستغلال فقراتها لتكميم الأفواه، وقمع الحريات، في زمن يُريدُ له أن يكون حراً وسعيدا من خلال الكلمة والموقف .
وعلى السلطة القضائية أن تقف الى جانب المواطنين وممثليهم من الصحفيين، ومؤازرتهم لتحقيق مبدأ الحريَّة من خلال احترام الرأي السّليم، وهنا أسجلُ اشكالات كثيرة على حيادية القضاء العراقيّ كان عليه أن يفسر لنا هروب الفاسدين وإيقاف تنفيذ الحكم عليهم.
ولا نريد لاستقلالية القضاء أن تكون شعارا فحسب.
ولا لمجلس القضاء أن يتحكم بالإعلام، وفق الأهواء والتأثيرات، بغية الا تترسخ الدكتاتورية من جديد، ونحن على يقين حين يكون القضاء مستقلا، يستطيع أن يبت في قضايا الفساد الكبرى، التي أوصلت البلد لما نحن عليه الآن، إن ما حصل في العراق بعد 2003 جعل المواطن يتفاعل مع حريَّة الفكر والتّعبير والإعلام الهادف، بغية إيصال صوته المقموع، وقد ازداد هذا التفاعل تضامنا، لا سيما في ظل الظروف، التي يمرُّ بها الوطن اليوم من غياب للخدمات وتفشي الفساد الذي أصبح القضاء عليه مسؤولية وطنية .
نحن لسنا مع أي إساءة تصدر من أي طرف، ولكن هناك قضايا أهم من بعض التصريحات، التي صدرت في هذه الفضائية أو تلك، وعلى القضاء العراقيّ أن يحاسب كل من يهدد الأمن السلميّ والأهليّ.
إن مصير العراق أهون لدى بعض الطبقة الحاكمة من كل شيء، ولكن العراق ليس بازارا لتصريف بضائعهم.
ونحن على يقين بأن هناك الكثير ممن تكلموا بسوء عن القضاء ولم يتخذ أيَّ إجراء بحقهم !