فتوى الجهاد.. التوقيت والنتائج

آراء 2022/06/14
...

 حسين علي الحمداني
 
من حقنا كعراقيين أن نحتفل بذكرى فتوى الجهاد الكفائي، تلك الفتوى التي غيرت مسارات المواجهة مع القوى الإرهابية وحققت النصر عليها في لحظة صدورها، خاصة أنها كانت في توقيت سليم، وهذا بحد ذاته نقطة قوة هذه الفتوى، التي وحدت العراقيين بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ .
لهذا حملت فتوى المرجعية العليا رسائل عديدة أولها، أن وحدة العراق لا يمكن التهاون معها أو الصمت إزاء ما يواجهها من تحديات خاصة في ظل تصاعد الإرهاب، الذي وصل إلى حد احتلال المدن العراقية وإعلانها (دويلة)، وهو الأمر الذي جعل من الفتوى سيفا قطع الطريق أمام قوى الظلام، ومن يقف وراءها، خاصة أن الاستجابة للفتوى لم تقتصر على مكون دون آخر ومحافظة دون سواها، بل وجدنا ولادة حشد عراقي متنوع بما في ذلك مسيحيو العراق والديانات الأخرى، وهو ما يؤكد أن  توجهات المرجعية الدينية في النجف الأشراف وطنية وعابرة للطوائف، وهذا بحد ذاته أكد وحدة العراق أرضا وشعبا.
الرسالة الثانية تمثلت بأن المرجعية هي صمام الأمان والقادرة على تحشيد الخيرين في اللحظة المناسبة بعد أن فشلت القوى السياسية في توحيد الشعب العراقي، بل سعت لتقسيمهم وفق مسميات طائفية وعرقية ومناطقية، ما جعل القوى الإرهابية تستثمر هذه الانقسامات السياسية، التي انعكست على واقع المجتمع في الكثير من المناطق، وبالتالي انعكس ذلك سلبا على القوات العراقية الماسكة للأرض في المحافظات، التي سيطرت عليها العصابات الإرهابية مما ولد حالة انكسار، وجاءت الفتوى في توقيت مناسب جدا كان هدفها الأول إسناد القوات العراقية ورفع معنوياتها، وهذا ما تحقق بالفعل عبر استعادة الثقة بالقوات المسلحة ومن يساندها، وهذا ما تجلى بوضوح في وقت قصير في تحرير الكثير من المدن العراقية من براثن القوى الإرهابية، خاصة في محافظتي صلاح الدين وديإلى وحصر المجاميع الإرهابية في مناطق محددة .
الرسالة الثالثة كانت موجهة للمجتمع الدولي من أن خطر الإرهاب لم يعد مقتصرا على العراق أو على مكون من مكوناته، بقدر ما أنه يستهدف كل العالم، وإن التصدي له في العراق سيجعله ينتهي خاصة، أن القوى الإرهابية لم تكن مقتصرة على جنسية معينة بقدر ما أنها كانت متعددة الجنسيات، وأن الدول التي كانت تتغاضى عن عبور الإرهابيين عليها مهمة التصدي ومحاربة الإرهاب الذي بدأ يطرق أسوار مدنها، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو أوروبا، التي تعرضت قبل حزيران 2014 وما بعده لعمليات إرهابية عديدة، وبالتالي وجدنا بعد الفتوى سعى المجتمع الدولي لتشكيل تحالف دولي لمحاربة “داعش”، وهو تأييد ضمني واضح على أن فتوى الجهاد التي أطلقتها المرجعية، لم تأت من فراغ، بل كانت نابعة من إيمان عميق بأن القضاء على الإرهاب يحتاج لحشد طاقات العراقيين والعالم معا.
لهذا يمكننا القول إن توقيت الفتوى مناسب جدا، وبالتالي كانت نتائجها مثمرة عبر تحرير الأرض والإنسان العراقي من الإرهاب وأفكاره وولادة جيل عراقي مؤمن بوحدة العراق أرضا وشعبا من جانب، ومن جانب آخر حملت هذه الفتوى رسائل للسياسيين العراقيين، أن يعيدوا النظر برؤيتهم لبناء الدولة،  بالطريقة التي تؤمن الخير والرفاهية والتنمية للشعب العراقي ةأن لا تكون صراعاتهم السياسية ثغرة تمر من خلالها قوى الإرهاب والشر وتحقق أهدافها الخبيثة.