استذكار جريمة {داعش} وتقرير اللجنة البرلمانيَّة

آراء 2022/06/14
...

 عبد الحليم الرهيمي
 
تعمد غالبية شعوب العالم إلى استذكار ما مرَّ بها من أحداث كبيرة ومهمة في تاريخها القريب والبعيد، وذلك لإنعاش ذاكرتها الجمعية بمعنى هذا الحدث واستذكار دلالاته ومعانيه، لكي تستخلص منه العبر والدروس الإيجابية للاستفادة منها واستيعابها أو السلبية، لكي تعمل على تجاوزها وعدم تكرارها بأي ظروف مشابهة .
ومن هذا المنطلق استقبل العراقيون الذكرى الثامنة لغزو عصابات داعش الإرهابية للموصل واحتلالها لأراضٍ عراقية بلغت مساحتها نحو ثلث مساحة العراق، وذلك في العاشر من حزيران/ يونيو العام 2014، إضافة إلى جريمة ارتكاب مجزرة سبايكر الرهيبة. لقد تناول هذا الحدث السياسيون المتصدون للمشهد السياسي وآخرون، فضلاً عن وسائل الإعلام والتواصل الجماهيري بثلاثة اتجاهات، الأول قيامه بتوجيه أقسى الإدانات لداعش وفضح دوره الاجرامي، واعتبار ما قامت به هذه الزمر الإرهابية (وصمة عار وشنار في جبينها)، والاتجاه الثاني بتكرار البعض ترديد مقولته ( بأن ما حدث هو مؤامرة دولية إقليمية على العراق وشعبه، من دون أن يخبرنا لماذا لم يتصد المسؤولون آنذاك لمنع وقوع هذه المؤامرة، اما الاتجاه الثالث فقد اعتبر ان غزو داعش للعراق إنما ناتج عن تفشي الفساد في مؤسسات الدولة والاجهزة الأمنية، وهو السبب ذاته الذي ما زال يواجه العراق .
ونظراً لأهمية وخطورة ما حدث وما صاحبته من انتقادات ومطالبات لتحديد الجهات السياسية والأمنية المسؤولة عن وقوع هذه الكارثة الارهابية الرهيبة، شكل البرلمان آنذاك لجنة موسّعة تضم كلَّ التوجهات السياسية والأمنية للتحقيق بذلك، وقد توصلت بعد عدة شهور إلى معلومات مهمة وخطيرة في تحديد الأشخاص والجهات المسؤولة عن ذلك، وقد أحالت اللجنة تقريرها ذاك على رئيس البرلمان د. سليم الجبوري لطرحه على البرلمان، واتخاذ الإجراء المناسب بشأنه، لكن اختفى التقرير ووضع على أحد رفوف البرلمان منذ ذلك الوقت، من دون أن يمسه أحد ! واذا كان هذا الاجراء قد أثار وما زال يثير الدهشة والاستغراب، فإن عدم الإشارة إليه والتذكير به الآن من قبل البرلمان والسياسيين والاعلام، يثير أكثر من تساؤل واستغراب.
إن تقرير اللجنة البرلمانية عن احتلال داعش لبعض الأراضي العراقية وما نجم عنها من مآسٍ وأهوال والتي كانت إحدى ذرواتها جريمة سبايكر، يمثل (الصندوق الأسود)، الذي فيه كل أسرار ذلك الحدث الرهيب، وهو الأمر المهم الذي ينبغي أن يطلع عليه الشعب العراقي، الذي دفع ويدفع ثمن ذلك العمل الارهابي الداعشي 
الفظيع.