السياسيون غير جاهزين للاستشهاد

آراء 2022/06/15
...

 عمر الناصر
 
غالباً ما يكون القلق مرتبطا بالشعور النابع من الخوف، بسبب عدم معرفتنا أسرار ما يخفيه لنا المستقبل، وهو ما يطلق عليه بالرهاب، بسبب الخوف والهاجس المرافق لنا من أمور قد تكون لها احتمالية أن تحدث أو ربما لا تحدث على الإطلاق، على اعتبار بأن اكثر ما يخيف الإنسان في حياته هو عدم فهمه وإدراكه لفلسفة الموت، أو عملية تفسير أحجية انتقاله من الحالة المادية الفيزيائية والمرئية، التي هو عليها كإنسان إلى الحالة غير المرئية كروح، والدليل ترى أن أغلب الناس يصابون بهستيريا الهلع اذا ما تعرضوا لمرض مستعصٍ يؤدي إلى دخولهم في مرحلة الصدمة.
الشهادة عنوان سامٍ سار عليه الأنبياء والأوصياء وآل البيت والصحابة والتابعون، وكلُّ من يؤمن بقضية مقدّسة، ويسعى جاهداً لتحقيقها، وهي أول كود شفرة إلهي يقرب بني آدم من الله، ويكسر الحاجز النفسي لمفهوم الخوف من الموت، ربما لأن الطبيعة الفطرية للانسان تدفعه لأن يخاف من كل شيء مجهول يتعلق باحتمالية استمراريته بالحياة، ومن المفترض بل من الطبيعي جداً أن يكون ايَّ فعل يقرب النفس البشرية من خالقها، هو حدث عظيم يدعوا إلى السعادة والطمأنينة، خصوصا اذا ما كان ذلك يبعدنا من أعتاب النار.
يوسوس لي شيطاني المريد الفضولي أحياناً ويقول إذا كنا جميعاً نسعى لدخول الجنة، ذلك يعني أننا مؤمنون بعقيدة تستند إلى ثالوث التوحيد والثبات على الدين والإيمان بالله، فلماذا إذاً لا تكون الشهادة جزءاً من دعاء السياسيين والأغنياء في صلاتهم، لكي ينالوا هذاالشرف العظيم، وربما يكون دعاؤهم مستجابا على قدر أكثر الطرق التي قاموا بتعبيدها، ولا أقصد هنا السبيس والتبليط، الذي نشهده قبل كل انتخابات، وإنما تعبيد طرق عمل الخير والحفاظ على الأمانة الوطنية والاخلاقية، والمفارقة الغريبة أن تصرفات البعض منهم في أحد الأوقات كانت توحي بأنهم أكثر الفئات كرها للجنة، وهم أكثر الطبقات الذين لا يريدون شم رائحتها، والدليل على ذلك عندما دخل إلينا الإرهاب كانوا قد حزموا أمتعتهم، استعداداً لوضع هواتفهم على وضع الطيران من أجل الإقلاع إلى بلدانهم الأصلية.
الأغنياء والسياسيون يكرهون الشهادة، بينما الفقراء والمعدمون هم اكثر من سعى ويسعى إليها، ومن يريد التدقيق بهذه الجزئية، فعليه النظر بعين الإنصاف والموضوعية لمن استشهد في الحرب على داعش ستجدهم جميعاً فقراء، ولن تجد واحداً منهم من السياسيين والأغنياء، فهل هو خوفهم وقلقهم الذي يدفعهم للبقاء ضمن سرب المنظرين، الذي هو سبب ديمومتهم، أم بسبب شعورهم بعدم وجود شخص يحرص على أموالهم أكثر منهم، اذا ما نالوا 
الشهادة؟.