عوق شعري

ثقافة شعبية 2022/06/16
...

كاظم غيلان 
 
حدثني الصديق الشاعر المبدع جليل حيدر عن العوق العقلي الذي يصيب العديد من الأسماء في وسطنا الثقافي الصاخب بمشكلات لاحلول لها وسط فوضى تدفعك للابتعاد، حرصا ًعلى سلامة عقلك في أقل تقدير من عوق محتمل إن لم يكن مؤكداً في حال وجودك المستمر وسط تلك الفوضى وما تسببه من عدوى لا تختلف عن العديد من الأمراض والأوبئة التي تجتاحنا دوماً.
تذكرت مصطلح الصديق جليل وأنا أتلقى اقتراحاً من أحد المعاقين (شعرياً) باستحداث (تشكيل جديد) كما هو في المصطلحات العسكرية، لكنه تشكيل شعري (نقابي) لا جدوى منه سوى البحث عن منافع ضيقة طالما أبعدت نفسي عنها، فما كان مني إلا الرد عليه بوضوح متأتٍ من طبيعة فهمي لمثل هكذا انشغالات لا تهم سوى من بقي بمعزل عن رعاية موهبته. تلخص ردي في نظرتي الرافضة لهيمنة النتاج الهابط في شعر العامية، إضافة لهيمنة الغناء الهابط بموجاته المتلاحقة، وهذا لم يكن رأيي الشخصي بقدر ماهو رأي سائد تحدث به العديد من المثقفين العراقيين والعرب في رصدهم لما يحصل بحالنا 
الثقافي .
العوق الشعري برأيي ماهو إلا واحدة من مشكلات عوق العقل حين يدب به جفاف الوعي الذي يدفع بصاحبه للهاث المستمر خلف كل ماهو هامشي بكل مافي الهامش من رثاثة. لكن السؤال القائم يتلخص في تشخيص آخر لمن يقف خلف الترويج والدعم المستمر لظاهرة العوق هذا، أ فليس الإعلام بمختلف صنوفه هو الداعم والراعي لكل هذا الخراب؟
يرسل لي البعض من الأصدقاء فيديوهات لبعض برامج الشعر فأصل إلى قناعة تامة بأن معظم من يقدمونها لاعلاقة لهم بالشعر، نماذج غاية في التخلف، بلا وعي، بلا ثقافة، باستثناء ثقافة (عدادات الاعجاب) ومنهم من تجده يتوفر على قدر عالٍ من نرجسية (الفراغ) الذي يشغل حواسه على مدار ساعات اليوم، تستنتجه من طبيعة أسئلته لضيفه وما فيها من قرف وتسطح وبلادة تؤكد لك بأنه لم يقرأ كتابا واحدا على مدار السنة، وكل مايشغله هو ديكور زائف بلا لون ولا طعم ولا حتى 
رائحة .
إن كل ما يتسبب بعوق العقل تجده المتوفر دائماً في وسط يضج بالأكاذيب التي صنعتها مساومات لم نكن بمنأى عنها طالما نجامل ونحابي هذا وذاك، وهكذا سنكون شركاء في انتصار الأخطاء .