بعد إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بمبلغ 26 ترليون دينار لتمشية الأمور المهمة في البلد، يبقى السؤال الأهم أين سيكون مصير مليارات الدولارات من الوفرة المتحققة من ارتفاع أسعار النفط الخام، وأين سيتم استثمارها، خاصة مع التوقعات بأن تصل (الوفرة الماليَّة) إلى 10 - 20 مليار دولار خلال العام الحالي، ووسط دعوات إلى إقرار الموازنة لاستثمار الإيرادات الماليَّة، وتأسيس حساب تحوطي أو صندوق سيادي.
ويقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح لـ “الصباح”: “بما أنّه لا توجد موازنة فيتم الاعتماد على نظام صرف مبني على قانون الإدارة الماليَّة الاتحادي رقم 6 لسنة 2019 المعدل، وفي هذا القانون يكون الصرف بحسب نظام 12/1 من المصروفات الجارية الفعلية التي تمت في العام 2021”.
وأضاف أنَّ “التدفقات النقديَّة التي جاءت من بيع النفط عن طريقين، الأول زيادة كميات التصدير والآخر ارتفاع الأسعار، إذ إنَّ الأسعار زادت عن العام الماضي بنحو 40 %، وهذه الزيادة معناها أنَّ هناك 40 % وفورات ماليَّة حتى نهاية العام عند الالتزام بالصرف بصيغة 12/1 حتى نهاية العام بافتراض عدم إقرار الموازنة العامة لسنة 2022”، مبيّناً أنّه “وبموجب قانون الدعم الطارئ، فإنّه غطى نحو 60 % من الوفورات المتوقعة، أي اذا كان المتوقع 40 مليار دولار، فإنَّ أكثر من نصفه سيذهب لتغطية نفقات القانون”.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد أكد أنَّ الحكومة تعمل بكل جهودها وهي بحاجة إلى الموازنة والاستقرار كي تمضي بمشاريعها لخدمة المواطن واستقرار الأوضاع المعيشية للمواطنين.
ورجح المستشار المالي بأن “تنتهي السنة الماليَّة الحالية، في ظل قانونيَّة الصرف، بوفورات ماليَّة، بتوقعات من 10 إلى 15 مليار دولار في حساب تحوطي، اذ لو كانت هناك موازنة لكان سُمِّيَ “صندوق سيادي”، ولكن لعدم وجود موازنة من الممكن ان يكون “حسابا تحوطيا”، أو “رصيدا افتتاحيا” في موازنة العام المقبل 2023».
كما أكد أهمية “وجود موازنة حتى لو تقر بعد منتصف العام الحالي، لسد الكثير من الاحتياجات المهمة من هذه الوفرات لمصلحة العراق والشعب، وتنفيذ مشاريع تنمية، للاسهام في رفع معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي بما يفوق معدلات نمو السكان ويحقق معدلات الاستدامة التنموية والاقتصاد المستمر”.
القانون الطارئ ليس بديلاً
يشار الى أن وزير الماليَّة علي علاوي أكد أنَّ “قانون الأمن الطارئ لا يمكن أن يكون بديلاً عن قانون الموازنة لعام 2022”، مبيناً أن “الموازنة العامة لعام 2022 أعدتها وزارة الماليَّة في آذار الماضي على وفق حساب سعر برميل النفط على 60 دولاراً وبمبلغ إجمالي يصل إلى 150 تريليوناً”، فيما أشار إلى أن “العراق ليس لديه تخمة ماليَّة لأن تسلم ايرادات الصادرات بعد ثلاثة أشهر، وقد تبدأ الزيادة في الوفرة من الآن بحدود المليارين دولارا شهرياً، وان الجزء من الوفرة الماليَّة سيستثمر في نواة صندوق سيادي استقراري لمعالجة الأزمات، ومنع تكرار ما حصل من هزة في تأخر دفع الرواتب سابقاً كما أن العراق الآن في وضع مالي جيد والاحتياطي من العملة الأجنبية سيبلغ 80 مليار دولار ما يعطي إمكانية لتغطية حاجة العراق من الاستيرادات لمدة عام”.
الوفرة في خزينة الدولة
من جانبه، قال عضو اللجنة الماليَّة البرلمانيَّة جمال كوجر لـ “الصباح”: إن “المبالغ المتحققة من الوفرة ستبقى في خزينة الحكومة”.
وأضاف أنَّ “الحكومة لا تستطيع صرف دينار واحد من دون وجود غطاء قانوني مع غياب الموازنة”، مبيّناً أن “عدم استثمار هذه الأموال يؤثر في الاقتصاد العراقي، لأن الحكومة تقوم بالصرف بآليَّة 12/1، وهذا يعني أن جميع المشاريع والوزارات ستتوقف تقريباً وسيكون هناك عدم انتاج، باستثناء ما تضمنه قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية”.
وتابع: أن “هذه الأموال إذا ذهبت إلى خزينة الدولة، فإنّها تستفيد منها في أي موازنة مقبلة، لأنّه عند تحديد الموازنة فإنّ مبالغها تأتي من موارد بيع النفط والأموال التي لدى الحكومة والقروض التي تلجأ لها”، مبيناً أنّ “موارد الدولة تكون لدى الخزينة العامة، وبإمكان الحكومة استخدامها في الموازنات المقبلة”.
تأسيس صناديق أجيال وسياديَّة
وأكد وزير الماليَّة مؤخرا، أنَّه “ للمحافظة على سقف الانفاق يفضّل تشريع قانون تحت مسمّى صندوق الأجيال لكن حال تعذر ذلك، فلدى وزارة الماليَّة إمكانية في إدارته ضمنيا وفق السيولة المتوفرة”.
بدوره، رأى الخبير المالي ثامر العزاوي، أهمية تأسيس صناديق سيادية لمواجهة أي طارئ.
وانتقد العزاوي في تصريح لـ “الصباح”، “طرق الصرف التي تتبعها الجهات الحكوميّة عند تحقيق الوفرات الماليّة، إذ تسارع أما بفتح التعيينات او تخصيص المبالغ الضخمة لمشاريع غير انتاجيَّة او غير ذات جدوى”، داعياً إلى أهمية استثمار هذه الوفورات في مشاريع استثماريَّة وان تدخل الدولة في شراكات وتقوي خزينها الستراتيجي وتنشئ صناديق للأجيال”.
ورجّح العزاوي بأن تنتهي السنة الماليَّة بوفرة ماليَّة تبلغ بين 15 الى 20 مليار دولار او أكثر بحسب أسعار بيع النفط الخام في الأسواق العالميَّة.