مبادرة تُحرِج القوى السياسيَّة

آراء 2022/06/20
...

 عمر الناصر
 
استغلال فرصة الحكومة الانتقالية والانتخابات المبكرة الماضية كانت فرصة ثمينة وحالة صحية من اجل بلورة الافكار واعلاء صوت المواطنة لبناء دولة المؤسسات، والخروج من شكل النظام السياسي الحالي والانتقال بالديموقراطية في أعلى مراتب الحرفية، كثيرة هي المبادرات، التي رأيناها منذ إظهار نتائج الانتخابات وبداية تعقيد الأزمة السياسية والتصعيد الاعلامي، وحتى وصولنا اليوم إلى مرحلة الانسداد السياسي الفعلي او المفتعل، التي عجزت جميع فلاتر وصمامات القوى والتيارات الوطنية من إيجاد حل يبعث ببصيص أمل في نفوس القائمين على المنتظم السياسي، ليس من باب عدم إيمانهم بضرورة التغيير، إنما بسبب عدم وجود ثقة متبادلة وارادة سياسية جادة للذهابإلى تفكيك خوارزميات اللعبة السياسية، ابتداء من مبادرة السيد مقتدى الصدر والسيد مسعود بارزاني، وانتهاء بمبادرة السيد عما رالحكيم ومبادرة السيد حسين الرماحي، التي أحرجت المستقلين باعتقادي من أجل توضيح وتحديد موقفهم من مفهوم الاستقلالية دون محاباة او تماهٍ، وتفعيل مجلس الاتحاد الفيدرالي الذي يعد عنصراً رديفاً لمجلس النواب استناداً للمادة ٤٨ من الدستور، هي سابقة لم تتطرق لها جميع المبادرات السابقة، لأن الحاجة باتت مُلحة وضرورية لتطبيق المادة ٦٥ من الدستور، والتي تقضي بانشاء هذا المجلس بتحقيق ثلثي اعضاء مجلس النواب، بعد أن ينظم ذلك بقانون ولا اعتقد بأن الاتفاقات السياسية ستحاول تعطيل هذا الخيار الذي فيه مخرج وطني لجميع الأحزاب السياسية القابضة للسلطة من اجل تحديد اتجاه مسارها القادم، من اصلاح النظام السياسي الحالي في العراق.
بعد أن ادركت الحشود الشعبية والجماهيرية في جميع المراحل الماضية، حجم الفشل والفساد والاخفاقات، التي دقت ركائزها بقوة داخل العملية السياسية، ذهبت لتطالب بحركة تصحيحية من خلال التظاهرات تارة ومن خلال الاعتصامات تارة اخرى، بعضها ربما يكون مسيسا والبعض الاخر حمل طابع البؤس والقهر والجوع والحرمان، الذين نادوا بتغييره، فعملية الاصلاح تبدأ أولا بتبديل الفلاتر والصمامات (المزنجرة) للمسؤولين الفاسدين، لإيصال إشارات إيجابية جادة للشعب بأهمية ازالة طبقة طفيلية، مستفيدة من أخطاء وإخفاقات المسؤولين، في ظل عدم إدراك عقلية البنية المجتمعية أن التحولات السياسية، التي تأتي عن طريق الانقلابات العسكرية، قد ولت وأصبحت ضرباً من ضروب الخيال، وأن طريق التحول من شكل النظام السياسي الحالي إلى النظام الرئاسي او شبه الرئاسي، قد يحتاج لوقت طويل لتطبيقه، على الرغم من التجربة الفريدة للنظام البرلماني في جميع دول العالم.