استقالة الصدريين

آراء 2022/06/22
...

 أ.د.جاسم يونس الحريري
 
يراد بمصطلح “المعارضة” في السياسة هو أن “هناك جماعة أو مجموعة أفراد يختلفون مع الحكومة على أساس ثابت وطويل الامد” وغالبا ما تمارس المعارضة في الاطار الشرعي وضمن المؤسسات الثابتة، ففي بريطانيا العظمى يتيح التشريع الرسمي في الدولة للمعارضة ممارسة نشاطها بملء حريتها. وتضم المعارضة الأشخاص والجماعات والأحزاب المناوئة كليا او جزئيا لسياسة الحكومة، وهناك عدة دول لا تسمح مطلقا بوجود أحزاب معارضة، مثل السعودية والامارات وقطر وعمان، وترى بعض الآراء أنه لا يمكن ان تكون هناك معارضة شعبية بدون وجود تنظيم العمل الحزبي المعارض. أن استقالة التيار الصدري من المؤسسة التشريعية بـ73 نائبا ولجوئه إلى ممارسة دور المعارضة الشعبية خارج العملية السياسية، هي ليست طرحا جديدا، فقد مارسها التيار الصدري في عدة مناسبات سابقة وكما يأتي: 
1 - انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية في 5 /8 /2013.
2 - انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية في
 16 /2 /2014.
3 - اعتزال السيد الصدر الحياة السياسية وغلق مكتبه الخاص في 10 /3 /2016.
4 - انسحاب التيار الصدري وغلق مكاتبه في 23 /6 /2018.
وفي 12 /6 /2022 وجه السيد الصدر بتقديم استقالات اعضاء الكتلة الصدرية إلى رئيس البرلمان العراقي، في حالة عدم السماح له بالاستمرار بممارسة مهامه فيها. وبذلك ابتعد التيار الصدري عن المعارضة البرلمانية وانتهج المعارضة الشعبية، بسبب قاعدته الجماهيرية الساحقة في الشارع العراقي، وهي ورقة ضغط تستخدم في اطار العملية السياسية للموازنة في مقاربات تلك العملية مع المؤسسة التنفيذية والتشريعية معا، وهو بذلك اضاف على الكتلة الصدرية قوة وحضورا سياسيا قويا في المشهد العراقي السياسي. وبعد ذلك الحادث شهد المشهد السياسي اجتماع الإطار التنسيقي في مساء يوم الخميس 16 /6 /2022 بحضور رئيس مجلس الوزراء لبحث الملف الأمني والانتهاكات التركية، والحرب على الإرهاب والقضايا السياسية والاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة خدمة وطنية، وشكّل الاطار لجنة حوار مع القوى الوطنية. وفي ظل الاوضاع الحالية، لا بد من تسريع صعود النواب البدلاء لتعويض النواب المستقلين بعد نهاية العطلة التشريعية في 10 /7 /2022، وعلى النواب البدلاء التهيؤ لأداء القسم الدستوري، ومن ثم البدء باجراءات تشكيل الحكومة بعد اختيار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، لإقرار الميزانية وتسيير المياه الراكدة في المشهد السياسي العراقي، خاصة بعد ظهور إشارات ايجابية من داخل الاطار وخاصة من دولة القانون للملمة البيت العراقي بشكل كامل، والتعامل مع الجميع وفق مبدأ وطني وإجماع على الرأي والرأي الآخر.
 
*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية