بغداد: حيدر فليح الربيعي
أوصى عدد من الاقتصاديين، بضرورة مضاعفة الجهود لمواجهة مخاطر التصحر، والحد من ظاهرة الجفاف التي يتعرّض لها العراق، داعين الى ضرورة تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة التصحر، والمجلس الوطني للمياه، وهيئة التشجير الوطنيّة، مؤكدين أن تلك التشكيلات يمكن أن تسهم في وضع الخطط اللازمة للحد من زحف التصحر صوب المدن والمناطق السكانيّة، وتقلل من تأثيرات الجفاف على الواقع الزراعي. وشدد المختصون على ضرورة مفاتحة الهيئة الوطنية للاستثمار لإعلان خريطة استثمارية تهدف وتسهم في مكافحة التصحر في المحافظات كافة مع التركيز على المحافظات التي تعاني بشدة من التصحر.
توصيات المختصّين، جاءت خلال الورشة التي نظمها مجلس الحكماء للحوار والحوكمة بالتعاون مع جمعية المهندسين العراقيين، وشهدت مشاركة واسعة من قبل المعنيين في الشأنين الاقتصادي والزراعي، وركزت على ضرورة ايجاد الحلول الناجعة لمواجهة خطر الجفاف والتصحّر، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحل هذه الظاهرة الخطيرة.
وقال رئيس مجلس الحكماء والحوار والحوكمة، الدكتور موسى الموسوي خلال ورشة العمل، «ننطلق من ضمائرنا كنخب علمية واكاديمية وكفاءات عراقية لنقول كلمتنا من خلال بحث مشكلات التصحر، ونقترح الحلول كي نضعها أمام صانع القرار لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة».
وشدد الموسوي، على ضرورة مضاعفة الجهود الرامية لاستصلاح الأراضي وتوفير المتطلبات الضرورية للنهوض بالواقع الزراعي، مؤكدا أن الأفكار المتبناة يجب ان تترجم الى واقع وقرارات بغية الحد من زحف التصحّر ومواجهة مخاطره.
بدوره، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح خلال الورشة، إنَّ «العراق لا يمكن أن ينهض إلّا بالزراعة» داعيا في الوقت ذاته الى «جذب شركات زراعيّة أجنبية متقدمة الى جانب تشكيل شركات زراعيّة مختلطة بين الدولة والقطاع الخاص للنهوض بالواقع الزراعي ومعالجة شح المياه ومكافحة التصحّر».
تفعيل القرارات
وأوصى المشاركون في الورشة، التي حملت عنوان (نحو عراق أقل تضرراً من مشكلات التصحّر) بضرورة تفعيل العمل بالقوانين والقرارات ذات الصلة لأهميتها في مكافحة التصحر، مثل قانون المراعي الطبيعية رقم 2 لسنة 1983، وقانون الغابات والمشاجر رقم 30 لسنة 2009، وتفعيل البرنامج الوطني لمكافحة التصحّر، داعين في الوقت ذاته «الرئاسات الثلاث للعمل على استحداث المجلس الأعلى لمكافحة التصحّر، والمجلس الوطني للمياه، وهيئة التشجير الوطنية، فضلا عن المطالبة باستحداث صندوق مكافحة التصحّر تكون وارداته بنسبة محددة عن كل برميل نفط مستخرج (كأن يكون دولارا واحدا) وكذلك إلزام الشركات الاستثماريّة العاملة في العراق، لا سيما النفطيَّة منها، بتمويل هذا الصندوق وفق نسبة وآليّة تحدد لاحقا بتعليمات من الحكومة
العراقيَّة.
كما حثَّ المشاركون في الورشة، على إعادة النظر بالخطط الزراعية بموجب الميزة النسبية والتنافسية للمحافظة او مجموعة محافظات للحفاظ على القيمة الاقتصادية للمحصول والحفاظ على المياه وفق الاحتياجات الفعلية للنبات وعدم الهدر فيه، مشددين على اهمية منع الزراعة الديمية في المناطق الصحراوية عندما يكون التساقط المطري اقل من 300 مل من دون وجود ري تكميلي واعتماد نظام الزراعة الحافظة (من دون حراثة) في المناطق الصحراوية واعتماد طريقة الري بالرش للتقنين في استخدام المياه.
التشجير والزراعيَّة
ويرى المختصون، خلال توصياتهم، ضرورة العمل على جذب شركات زراعية أجنبية متقدمة خاصة في مجال البذور والمكننة والاسمدة الصديقة للبيئة الى جانب تشكيل شركات زراعية مختلطة بين الدولة والقطاع الخاص للنهوض بالزراعة ومعالجة شح المياه ومكافحة التصحر، وتنفيذ مخرجات الدراسة الستراتيجية للمياه والاراضي بشأن إعادة تأهيل المشاريع الإروائيَّة القائمة حاليا وتنفيذ المشاريع الجديدة، فضلا عن وضع فقرة او بند في كل العقود والمقاولات يتضمن زراعة وتشجير مقتربات المشروع والمساحات الشاغرة منه بطريقة مناسبة تتلاءم مع بيئة المشروع.
كما شددت التوصيات على أهمية «إلزام مؤسسات ودوائر الدولة والجامعات والمدارس ورياض الأطفال، وجميع المعاهد التربوية بتشجير وزراعة المناطق المحيطة بمناطقهم والمساحات الشاغرة، فضلا عن إلزام الدوائر البلدية وأمانة بغداد والمحافظات وجميع الدوائر بتشجير الجزرات الوسطية في الشوارع والباركات والمتنزهات ورعايتها والعمل على استدامتها».
تثبيت الكثبان
وبهدف تثبيت الكثبان الرميلة، اوصى المشاركون في الورشة بأهمية التنسيق بين وزارات الزراعة والنفط والدفاع وكإجراء سريع لتثبيت هذه الكثبان التي تعد بؤرا ساخنة لحدوث العواصف الغباريّة من خلال استخدام الطرق الميكانيكيّة التي أثبتت جدارة كبيرة في وسط وجنوب العراق، ومن ثم استخدام الطرق البايولوجية بزراعة النباتات ذات التأقلم البيئي العالي كما هو الحال في زراعة «عقل الاثل» في محافظة صلاح الدين التي نجحت بشكل كبير جدا.