الطبقة السياسيَّة ومعاضدة الحكومة

آراء 2022/06/24
...

  ماهر عبد جودة 
 
تخوض النخب الوطنية غمار العمل السياسي حاليا، خصوصا تلك التي لديها باع طويل، في النضال والوقوف بوجه الأنظمة الدكتاتورية، سواء كانت أحزابا أو كتلا سياسية أو تحت أي مسمى، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى رص صفوفها وتوحيد كلمتها، وتضييق مساحة الخلاف في ما بينها، وتجاوز عقدها الأيديولوجية، بالاتفاق على الأسس والركائز الجوهرية في بناء الدولة وإدارتها، بما يضمن النهوض بالمشروع الوطني والدولة المدنية الجامعة لكل العراقيين.
السياسة الحقة والناجحة، هي رؤى ومفاهيم وخطط ستراتيجية، تأخذ بعين الاعتبار دراسة أدق تفاصيل الداخل الوطني، مكوناتيا، وثقافيا، وتأثير البلد الجيوسياسي، والجوستراتيجي إقليميا وعالميا، وإدراك جميع أنواع التأثيرات المحتملة، التي ربما لها الوقع المؤثر المباشر وغير المباشر على أمن البلد واستقراره وضمان مصالحه المشروعة .
وبما أن السياسة هي فن الممكن في عالم المعطيات، وحالة تفاعل وتراكم متواصل ومتصاعد مع الزمن وضروراته، تغتني من الأحداث التاريخية والحالية في داخل البلد ومجمل ما يدور في عموم العالم، عليها تبني تجارب الدول الناجحة، التي تجاوزت العراقيل وشبت عن الطوق، وتبوأت المراتب المتقدمة على مستوى التشريع وإدارة الدولة، والاقتصاد المنتج، والخدمات، والحريات العامة، والتعليم والأمن والرفاه والمشاعر الوطنية.
عندما يفشل أي بلد في ادامة عجلة تطوره واستقراره، يصبح حتما فريسة سهلة للأزمات السياسية والاقتصادية، وعرضة للاهتزاز والتشرذم والفشل، ولن يوجه اللوم عند ذلك إلا للطبقة السياسية، في لا وطنيتها وعدم تخليها عن مصالحها الضيقة، وابتعادها عن المبادئ السياسية السامية والقيم العليا.
وإذا تمعنا جيدا بما نحن عليه الآن من مشهد سياسي مشوه ومضطرب ومتقاطع، ووصول الأمر إلى حد الانسداد، برغم الأشهر السبعة، التي مرت على نهاية الانتخابات ولامن حكومة جديده تلوح في الأفق، فإن شيئاً من القلق والخوف والترقب ينتاب الجميع، ويستدعي إدراك خطورة المرحلة وضرورة تجاوزها، بتقديم التنازلات المتبادلة، والركون إلى الحوار الوطني البناء، والترحيب بالوساطات الأممية البناءة في حلحلة العقد المستعصية، لا سيما أن الشعب العراقي يرقب الأحداث عن كثب، ويتابعها باهتمام كبير، خصوصا طبقة الشباب العاطل عن العمل والكثير من الطبقات الفقيرة المعدمة.
وبما أن حالة الانسداد قائمة والصراع السياسي في اقصاه، فإن على السياسيين الفرقاء، دعم حكومة تصريف الأعمال ومؤازرتها في تنفيذ واقرار كل مقترحاتها، في ما يخص العلاقات الدوبلماسية الرصينة مع الدول المحيطة بالعراق، ودول العالم لترصين الاقتصاد وخدمات الطاقة والأمن المشترك، كذلك عدم التفريط بمشروع الأمن الغذائي الطارئ بعد الأحداث المفجعة بين روسيا وأوكرانيا.
كذلك دعم الحكومة ومؤسساتها القانونية بقوة إذا ما تحركت للجم الفاسدين، وايقافهم عند حدهم، وعرض قضاياهم على المحاكم المختصة، وإعادة هيبة الدولة وتأكيد وجودها.
فلتتحلَّ الطبقة السياسية من دون استثناء، بحس وطني عال ولتتخلَّ عن نرجسيتها ومصالحها الحزبية، ونبذ الأجندات الغريبة التي لاتتلاءم، ومقدار ما أحرز من تقدم علمي وتكنولوجي وثقافي وما تحقق في مجال الحريات العامة وحقوق الانسان من انجازات في عصرنا الحالي.