تلقت صفحة «الباب المفتوح» رسالة موجعة من الكاتب والروائي إبراهيم احمد داود، تولد قضاء هيت بمحافظة الأنبار عام 1942 قال في مستهلها إنه ليس من عادته الكتابة في أمور تخصه شخصياً، لا في وسائط التواصل الاجتماعي ولا في الصحافة التي يكتب فيها منذ أكثر من نصف قرن لكنه وجد ما هو بصدده الآن يتضمن حقا عاما، كيف ينتهك بيت مواطن مرتين من حكام عهدين، مختلفين في منطلقاتهم وأهدافهم وادعاءاتهم وشعاراتهم؟ كيف يأمن الناس على بيوتهم وأهليهم في ظل حكام يجعلون قراراتهم وتوجيهاتهم الإدارية فوق حكم القضاء والقانون؟ ولا يكترثون لاستقلالية السلطات الثلاث والفصل بينهما؟
وذكر بقلمه ما نصه : قررت أن أكتب بقضيتي هذه بعد أن طال سكوتي فيها كما طالت مراجعاتي للدوائر المختصة حولها دون نتيجة عادلة، كان نظام صدام قد صادر بيتي في العقار المرقم 1/ 5312 منطقة الثعالبة في بغداد قبل أكثر من أربعين عاما وسجله باسم مديرية الأمن العامة استنادا الى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 1253في 4/8/ 1980، بسبب نشاطي السياسي والثقافي ضده في الخارج، وأصيبت والدتي بجلطة دماغية عند اجلائها بالقوة من البيت فظلت تعاني لسنوات من إعاقة حتى توفيت. عند عودتي بعد سقوط النظام لم أستطع استعادة البيت لأسباب يطول شرحها ولا تخفى على من يعرف أوضاع البلاد. أردت أن أراه من الداخل فلم استطع الاقتراب منه عارفا مسبقا بالموقف العدائي لساكن البيت ما ذكرني بمشاهد لفلسطينيين ردوا على أعقابهم عند محاولتهم أن يروا بيوتهم المغتصبة في بلادهم، الحكام المعنيون الحاليون يرفضون ومنذ عشر سنوات دفع التعويض عن البيت المغتصب كما جاء في قرار المحكمة والمؤيد بالتمييز، والمكتسب للدرجة القطعية ويعارضون تقسيطه على خمسة وعشرين عاماً بينما أنا في الثمانين؛ أي نهاية العمر! وهذا يعني أنهم يصادرون البيت للمرة الثانية، ويتعللون بعدم وجود رصيد مالي كاف بينما هم دفعوا لشخصيات نافذة مبالغ تعويض وبصفقات تفوق ما استحقوه من تعويض بكثير جدا وبلغت مليارات الدنانير. الكثير من المسؤولين يدعون شح الموارد والعجز المالي فقط عندما تحين استحقاقات المتضررين والمنتهكة حقوقهم. ثم نكتشف ثراء الدولة وكثرة خيرات البلاد عندما تتصاعد روائح فضائح المختلسين والمرتشين واللصوص والمبذرين، وقوائم رواتب الموظفين الوهميين، ومظاهر الدعاية الانتخابية في الشوارع والفضائيات وعندما تتصرف جهات عديدة بموارد الدولة، ولا تلقى حسابا أو عقابا، ليس غريبا أن كثيرا من المتسلطين والجلادين في العهد السابق نالوا اليوم الكثير مما هو ليس من حقهم، ونحن ضحاياهم نسعى ونجد لاستعادة حقوقنا دون جدوى. ثمة من يدعو الكتاب والمثقفين والعلماء والفنانين والمبدعين في الخارج للعودة إلى البلاد. كيف يعودون وهم يواجهون في بلادهم غمط الحقوق والتعسف والإهمال؟ يبدو أن خلاصة الأمر في وطننا أننا نتجه لحال يكون فيه من يستحق لا يحصل على شيء، ومن لا يستحق يحصل على كل شيء، ومن المعروف أن حالا كهذه على مدى التاريخ قد أطاحت بدول وإمبراطوريات حين امتلكت القوة والمال لكنها لم تمتلك العدل
والإنصاف.