نرمين المفتي
في هذه الدورة، ايضا، لمجلس النواب لا يوجد نائب في (لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية)، وكأن شؤون الطفل والمرأة والأسرة خاصة بالنساء فقط! وإن كان هناك بعد نظر وتصميم لجعل الأسرة العراقية، الهشة خاصة، بمستوى أفضل لأجل حاضر العراق وغده، لأبحت هذه اللجنة الأهم، لأنها تخص الرأسمال الحقيقي للبلد وخاصة الاطفال.. والمفروض إن هذه اللجنة تتابع قانون الحد من العنف الأسري والذي يرحل من دورة إلى أخرى وتحت ذرائع شتى، ويفوت المصرّين على عدم تمريره، أنه ليس خاصاً بالمرأة والطفل، إنما بالرجل ايضا، والمفروض أنها تتابع وضع الطفولة في العراق، لكن هل سمعنا أنها وعلى مدى الدورات السابقة استضافت (هيئة رعاية الطفولة)، والتي أكدت مديرة مكتبها، السيدة غادة الرفيعي في حوارات تلفزيونية أن الهيئة "تفتقر إلى الموازنة أو تخصيص مالي سوى ما توفره لها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وبعض المنح، التي تقدم لرعاية الاطفال"، وأضافت أن "الهيئة تشغل غرفة واحدة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية"!، والمفروض أن تكون لهذه الهيئة، لأهميتها بناية خاصة بها.
مما لا شك به أنَّ وضع الطفل في العراق متدهور جدا، وللمثال وليس الحصر، خلال الاسبوع الماضي تمَّ العثور على طفل في السماوة، كان قد اختطف وقتل وتمَّ التمثيل بجثته، وفي بغداد انتحر والدٌ حرقا مع طفليه بسبب الجوع، وفي البصرة مات اربعة اطفال بسبب احتراق بيتهم، وفي النجف تمًّ إلقاء القبض على امرأة كانت تحاول بيع طفل صغير.
وطبعا نشاهد يوميا مئات الأطفال في كل محافظة وهم في الشوارع، بل هناك نساء يحملن صغاراً، سواء في الحر اللاهب او البرد، من دون خوف من القوانين او الاجهزة الامنية.. هكذا وضع متدهور بحاجة إلى قانون خاص بالطفولة، مع الاحتفاظ بالفقرات الخاصة بالطفل بالقوانين النافذة.
وأشير إلى الرفيعي التي قالت في كانون الاول 2021 إن "الهيئة معنية بتسريع ومتابعة تنفيذ القوانين الخاصة بالطفولة في العراق، لكن عدم وجود مستحقات مالية حال دون مواصلة العمل ومتابعة تشريع و تنفيذ هذه القوانين".
وأتساءل إن كانت لجنة الطفل والمرأة والاسرة البرلمانية تعرف بهذه المشكلة؟
كما لم نسمع خلال الحملة الانتخابية من المرشحين أيَّ برنامج عمل للاطفال، لم نسمع أيَّ تعليقٍ من أية جهة مسؤولة في العراق على النداء، الذي اطلقته اليونيسيف في نهاية 2021 والذي جاء فيه "وفي العراق وكجزء من النداء، تطلب اليونيسف 522 مليون دولار أميريكي في عام 2022 لتلبية الاحتياجات الإنسانية الحرجة والحادة للأطفال المعرضين للخطر والأسر المتضررة من مجموعة من الحالات الإنسانية، بما في ذلك الأزمة الممتدة بسبب الصراع وعدم الاستقرار السياسي، وحالة كوفيد- 19"، وهل هناك تخصيص للهيئة في (قانون الامن الغذائي)؟، وتشير الباحثة سهام محمد عبد الحميد في دراسة للجهاز المركزي للاحصاء إلى تراجع كبير في 2011 في الأسر، التي تستخدم ملح الطعام المدعم باليود بالنسبة الكافية، مقارنة مع عام 2000، حيث كانت مادة ملح الطعام ضمن مفردات الحصة التموينية، الا أن رفع هذه المادة إلى الاعتماد الكلي على شراء ملح الطعام من الأسواق المحليَّة العراقي او المستورد، مع غياب الرقابة والفحص الدقيق"! والكل يعلم مدى أهمية الملح المدعم باليود للصحة.. علما أن مشكلة الدراسة والتي نشرتها وزارة التخطيط في 2015 تمثلت في أن "الحلول التنموية لم تستطع حتى الآن في الحد من الحرمان، الذي يواجهه الاطفال، لا سيما الفقراء وفي إزالة الحواجز التي تمنع هؤلاء الأطفال والأسر الهشّة من التمتع بالخدمات وبحقهم في البقاء والصحة والنماء".
وأتساءل مرة أخرى إن كانت هذه اللجنة، قد أطلعت على هذه الدراسة في حينها، وبدأت برنامج عمل للجنة لدورة بعد
أخرى؟
وفي شهر أيار الماضي وبحضور رئيس مجلس الوزراء، تم إطلاق الستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة.. وفي المناسبة، قال السيد مصطفى الكاظمي في كلمته إن "الاستثمار الصحيح في الطفولة هو استثمار في مستقبل العراق".
وأكد وزير العمل ورئيس هيئة رعاية الطفولة أن الهيئة ستلعب دورا أساسيا في الإشراف ومتابعة تنفيذ هذه الستراتيجية.. ولنُذكّر أن الهيئة بلا موازنة او تخصيصات مالية! وقطعا فإن قضية الطفولة ليست خاصة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية إنما بوزارات ومؤسسات أخرى، فضلا عن منظمات المجتمع المدني، علما أن هيئة رعاية الطفولة تشكلت في ،1983 وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارات التخطيط والتربية والعمل والشؤون الاجتماعية والصحة والبيئة والثقافة والعدل، والداخلية والشباب والرياضة والخارجية. وأشار بيان للمكتب الاعلامي لرئيس الوزراء، الى أن "مجلس الوزراء اطلع على فقرات ومحاور الستراتيجية، وأهدافها المستقبلية، وتقرر إقرار الستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة في العراق (2022 - 2031)، وتتولى هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وضع آليات وخطط لتنفيذ الستراتيجية المذكورة آنفاً، لعرضها على مجلس الوزراء في الحكومة المقبلة".
اذن، الرأسمال البشري لمستقبل العراق بانتظار تشكيل الحكومة، والطفولة كلها بانتظار أن تنتبه عليها الجهات ذات الصلة وايقاف تدهور وضعها.