سرور العلي
تضج منصات التواصل الاجتماعي بين فترة وأخرى بفيديوهات لأطفال معنفين من قبل ذويهم، وما بين مؤيد لمعاقبتهم بالقانون، يرى آخرون بضرورة إخضاعهم لجلسات العلاج النفسي، وإعادة تأهيلهم والكشف عن الأسباب التي دفعتهم لارتكاب تلك الجريمة الشنيعة، ويؤثر العنف في الطفل ويجعله عدوانياً ومنعزلاً وغير اجتماعي وذا سلوك مدمر وهدام، وغالباً ما يكون المجرمون قد تعرضوا للتعنيف المستمر في طفولتهم وللعقاب المفرط، كما أن الآباء العدوانيين يمنحون فرصا لأطفالهم لتقليدهم، واعتباره السلوك المناسب لتفريغ مشاعر الغضب.
ويسبب العنف للأطفال اضطرابات نفسية واجتماعية، نتيجة لآثار التعذيب البدني واللفظي، واصابتهم بمشكلات عقلية وإعاقات في وظائف الدماغ، كضعف الإدراك المعرفي وفقدان الذاكرة، وفقدانهم لثقتهم بأنفسهم وشعورهم الدائم بالخوف، وصعوبة تعلمهم لانعدام الانتباه والتركيز، وأدت الحروب وتفاقم الفقر والتشرد في المجتمع إلى زيادة حالات التعنيف، وقد يدفع الطفل كثير الحركة، والذي يعاني من ضعف في قدراته العقلية وتصرفاته من دون وعي، لاستفزاز والديه فيلجآن لتعنيفه، وتسبب عوامل أخرى أيضاً في حدوث العنف، كاقتناع الأسرة بأن العنف هو أفضل وسيلة للتربية، وعدم رغبة الوالدين بالاحتفاظ بالطفل كونه جاء مخالفاً للجنس الذي يرغبان به، ونشوب الخلافات والصراعات بين الزوجين ويكون ضحيتها الطفل، ومشاهدة فيديوهات وألعاب إلكترونية وأفلام ذات مشاهد عنيفة، مما يؤدي إلى الشعور بأن العنف هو السلوك المقبول والعادي.
إن تعنيف الطفل ينتج عنه تكوين أفكار سلبية، كالشروع بالقتل وارتكاب الجرائم، والانتحار وتعاطي المخدرات، وضعف تكوينهم للعلاقات الاجتماعية وعقد الصداقات، وفقدانهم للأمان، ويميلون للعنف في علاقاتهم للرغبة في السيطرة على الآخرين.
وللتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة على الطفولة يجب توعية الأسر بضرورة إنهاء العنف ضد الأطفال، وتثقيفهم وعقد الدورات والندوات، لتنبيههم بمخاطر العنف وأضراره على صحة الطفل وعقله، وتفعيل القوانين الرادعة للحد من التعنيف، وحماية الطفل وتوفير له بيئة صالحة للعيش مليئة بالحب والعطف والاحترام، كما أن إجراء البحوث والبيانات للتعرف على أماكن حدوث جرائم عنف بإمكانه أن يحد من تكرار وقوعها، وضرورة تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين والتربويين والنفسيين، لمساعدة الأطفال على تجاوز الأزمات النفسية.