وليد خالد الزيدي
من لا يعرف الروس ومدى قوة تحملهم اعباء الحروب،قد لا يدرك منهجيتهم وتفكير قادتهم في اطالة أمد الحرب الحالية في اوكرانيا، فأراضي روسيا كانت محور العمليات الشرقية ابان الحرب العالمية الثانية (1939ـ 1945)، وسميت مجازيًا الحرب السوفيتية ـ الألمانية على مستوى العالم بأسره، إشارة الى المعارك على طول خط المواجهة شرق أوروبا لسنوات، فما بين (1941- 1945) كانت القوتان الرئيسيتان شرق أوروبا هما روسيا (الاتحاد السوفيتي) سابقا وألمانيا النازية، وكانتا على وفاق مبطن، وبدأ الغزو الألماني لأراضي الاتحاد السوفييتي في حزيران عام 1941 (عملية برباروسا)، واستمرت الحرب حتى مايس 1945، وشهدت معاركها أكبر الاشتباكات العسكرية على مدار التاريخ، واتسمت باستخدام مفرط غير مسبوق للقوة، وما تبعه من دمار شامل وتهجير جماعي وخسائر فادحة في القوات الالمانية ومعداتها، سواء بسبب المواجهات العسكرية أو المجاعات أو التعرّض لظروف قاسية، بخلاف الأمراض، حيث قدم الروس نموذجا لا يستهان به في التضحية والمطاولة ومحاصرة القوات المعادية، وتركها تبيد نفسها بنفسها، بعد أن قاست ظروف الطبيعة وقطع الامدادات وغياب التخطيط لما متوقع حدوثه ومجازفتها بالتوغل في الاراضي الروسية الواسعة، فالروس قابلوا رفض هتلر الانسحاب من أراضيهم بالصبر واستثمار الأرض الميتة، بحصار بري أدى لتدمير القوات الالمانية أو أسرها وإخراجها من الخدمة في الحرب، وبلغت خسائرها 600 الف مقاتل بعد نقص في الوقود والمؤن والمعدات، وقد صنف الشتاء الروسي كأبرز أسباب خسارة هتلر في الحرب، بعد موت جنوده بسب البرد القارس، لتدني درجات الحرارة وانتشار الأمراض وتجمد الوقود في خزانات الدبابات والشاحنات.
وقد أدرك الروس طبيعة تفكير عدوهم، والتعرف على طرق تصنيع آلة حربه، وإنتاج معداته العسكرية.
ما يجري الآن في أوروبا هو محاكاة روسية للماضي القريب، فبوتين بالاضافة إلى المكاسب الاقتصادية لبلاده، يستخدم اوكرانيا كساحة لمحاربة الغرب، ولو أراد أن ينهيها لفعل، لكنه يرى فيها بابا مفتوحا لجس نبض المعسكر المقابل، ومعرفة امكانياته واسلحته قدر ما يستطيع، وبالفعل وجهت حكومة بوتين مذكرة دبلوماسية خفيفة اللهجة على شحنات اسلحة مرسلة لكييف من الدول الغربية، ومع أن هذا الأمر لن يغيب عن افكار أصدقاء اوكرانيا، حيث بررت واشنطن رفضها تزويد أوكرانيا ببعض الأسلحة الفتاكة، بأنها تفعل مكونات المساعدة العسكرية ، وفق متغيرات مسار العمليات العسكرية، كما أوقفت بيع طائرات تجسس حديثة الصنع بسبب مخاوف من وقوع معداتها في أيدي المتخصصين الروس، مدعية أن ذلك يشكل تهديدا لأمنها.
روسيا لن تتضرر في حالتي إرسال معدات حربية حديثة او عدم ارسالها، فهي من جهة تترقب وصولها إن كانت متطورة، فلديها ما يتصدى لها أو تستولي عليها، وان لم تصل فهي تستنزف قوى كييف لتحقيق أهدافها من تلك الحرب.