حمزة مصطفى
خرجنا من عنق الزجاجة إلى الانسداد. مفاهيم ومصطلحات تفاهمنا عليها وتفاهمت علينا. طحنا عليها وطاحت علينا. كلانا نحن وهي {نقوم ونقع}.
أحيانا نصل إلى مرحلة "كض أخوك لا يطيح" وأحيانا نلجأ إلى نظرية "الطايح رايح". لا أخونا "طاح وكضيناه" ولا "الرايح" ترك لنا خصالاً حميدة حتى لو "أم اللبن". كل شيء مرهون عندنا بلا شيء. شعارنا المعلن ينفجر من "كثر ثقله" على الكومبيوتر مثلما انفجر بسبب سؤالنا الدائم البايخ "شكو ماكو". أما شعارنا المخفي فهو المثل الدائم الذي نردده كلما انخنقنا بعنق الزجاجة ودخلنا مرحلة الانسداد وهو "تريد أرنب أخذ أرنب, تريد غزال أخذ أرنب". الأرنب تطاردك في حلك وترحالك طالما هي حصتك التموينية، التي عليك أن تقبل بها نصيبا مفروضا.
قد يعترض الكثيرون من جماعة "كمرة وربيع" على توصيف حال السياسة عندنا بهذه الطريقة، التي لا تنسجم مع روح الإخوة، حين يبحث السياسيون المتعاندون آخر المستجدات. منطق جماعة "كمرة وربيع" أن الحكومة تتأخر حتى في هولندا. وفي سويسرا يتقاسم ممثلو الكونتات الحكم. وفي بريطانيا "يمرمط" مجلس العموم بوريس جونسون, رئيس الوزراء على كل "دكة" من "دكايكه الكشر". على صعيدنا كلنا نعاني الانسداد. لا فرق عندنا انسداديا بين الرئيس وسائق الـ"تك تك". وبين الزعيم ودلال العقارات. أما في بريطانيا وهولندا لا أحد معنيا من المواطنين بالحكومة تشكلت أم لم تتشكل. لماذا؟ لأن الدولة هي التي تتولى رعاية المواطنين أيا كانت خلفياتهم أو انتماءاتهم.
هناك فرق جوهري بيننا وبينهم، ملخصه أنهم يتصرفون كمؤسسات بصرف النظر إن كانوا حكومات أم أحزابا أو حتى منظمات مجتمع مدني. أما نحن فإن ما هو شخصي, شخصاني يتحكم بنا حتى وصلنا إلى آخر مراحل الفردانية التي قوامها "إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر" وهي "الشخصنوية". الشخصنوية هي مزيج من أعلى مراحل الذاتية والأنانية. فالشخصنوي لا يتنازل تحت أية مبررات لما يراه أنه حق مقدس، حتى وإن كان اكتسبه من "كثرة اللوكية واللواكيين". والدليل أن لا أحد يتنازل لأن حقوقهم ليست مكتسبة، بحيث يمكن التنازل عنها وفق متوالية الأرنب والغزال، بل هي حقوق لم تعد قابلة للتصرف. المهم هنا هي الحفاظ على وحدة الفرهود مع أطيب التحيات لأخينا العزيز ابن عربي، الذي تعيقل علينا بوحدة الوجود. فصاحب وحدة الفرهود يبقى متمسكا بذاته ولذاته وعن ذاته وذات من ذاته إلى أن ينقطع نفس.. ملا عبود الكرخي كاسرا المجرشة ناعلا أبي راعيها.