مفاوضات المياه مع دول الجوار.. حمايةٌ للأمن الغذائي

اقتصادية 2022/07/06
...

 بغداد: عماد الامارة
 وحيدرالربيعي
يتعرّض البلد الى شحِّ مياه نهري دجلة والفرات والروافد التي تصب فيهما، وبات الوضع لايمكن السكوت عنه او تجاهل نتائجه الكارثيّة، فقد سعى العراق، ومنذ سنوات بجهود دبلوماسيّة متواصلة مع الجارتين تركيا وإيران لضمان تدفق المياه من مصادرها ومعالجة الشحّ المائي.وعن هذا الموضوع قال المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور عبد اللطيف شهاب: “لقد تبلورت نتائج ايجابيّة لا بأس بها عن هذه الجهود الدبلوماسيّة مع تركيا، ولكنّها ليست بمستوى الطموح في استحصال موارد مائيَّة للبلد”.
 
وأضاف شهاب لـ “الصباح”، أن “وزير الموارد المائيَّة صرَّح بأن التعثّر والتعقيد هو مع إيران التي قطعت جميع مصادر المياه، التي كانت تصب في نهر ديالى وقطعت نهر الكارون الذي كان مصدرا لمياه البصرة؛ لذا بات من الواجب الوطني استعمال جميع الطرق لإرجاع حقوق البلد المائيَّة حماية للأمن الغذائي، وأن تكون المفاوضات مرتكزة على مبدأ تقاسم الضرر او الاحتكام الى المعاهدات الدوليَّة بشأن مجرى 
المياه”.
 
دولة المصب
تابع شهاب: “يعد موضوع المياه واحدا من أهم مرتكزات الأمن الوطني لأي بلد في العالم، إذ إنّ الدول التي تقع في أراضيها منابع المصدر المائي تتمتع بمرونة عالية في التحكم بكمية المياه التي تصل دولة المصب، وكما هو واقع الحال بين العراق وتركيا وإيران، حيث برزت مشكلة المياه منذ عقود طويلة، ودعت الحاجة الى وجود أحكام وقواعد تحكم استخدام المياه بين الدول الثلاث”.
وتابع: “تطرّقت معاهدة لوزان عام 1923 الى ذلك، إذ نصّت المادة 109 على ضرورة تشكيل لجنة مشتركة بين هذه الدول مهمتها معالجة القضايا الخاصة بمياه نهري دجلة والفرات”.
وبيّن شهاب: “لقد أشارت اتفاقيّة أوليّة بين العراق وتركيا وايران الى وضع تسوية لأي خلاف على نظام توزيع المياه، وانطلاقا من هذه الثوابت الدولية لا بدّ أن تركز مفاوضات المياه مع دول المنبع على استحصال حقوق العراق المائيَّة”.
 
حصص المياه
وعن توزيع حصص المياه حسب الاتفاقيات الدوليّة قالت عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة النهرين الدكتورة نغم حسين: إنَّ هناك ثوابت ونصوصا لمعاهدات صداقة وتفاهم مشترك بين العراق وتركيا يمكن ان تكون مرتكزا لانطلاق مفاوضات المياه، باعتبار أن حصة المياه الكبرى تأتي من تركيا وليس إيران”.
وأوضحت حسين لـ “الصباح” أنّ “المادة الخامسة من البروتوكول رقم واحد الخاص بتنظيم مياه دجلة والفرات من معاهدة الصداقة وحسن الجوار بين العراق وتركيا الموقعة عام 1946 ركزت على ان للعراق الحق في ان يوفد هيئات لاجراء مسوحات وان تتعهد تركيا بالتعاون مع هذه الهيئات الدوليّة وتسهيل مهمتهم لإنجاز عملهم، وان تقوم كذلك بأعمال الإدامة للمحطات الدائمة لمقاييس المياه 
وتصريفها”.
وأكدت: “إلّا ان الجانب التركي لم يكن متعاونا وظل يؤخر ويمتنع عن الالتزام بتنفيذ بنودها، وان ما نريد قوله هو ان مفاوضات العراق مع تركيا وإيران يجب ان تركز على الثوابت الوطنيّة للبلد حماية لحقوق البلد المائية، ومن ثم تحمي الأمن الغذائي للمواطن”.
 
الحلول الدبلوماسيَّة
ولمعاجة الوضع الحالي من شح المياه، أوضح الاكاديمي الدكتور عبد الكريم العيساوي أن “من الحكمة التعامل بالدبلوماسية في تأمين امدادات المياه من الجارتين تركيا وايران، وان تبرز الحقائق الآتية الأولى، أهمية الجهات القانونيّة الدوليّة ذات النفوذ في تحديد اصحاب الحق في الحصول على المياه تحت مختلف الظروف، والثانية، عندما تشتد حدة نقص الامدادات المائيّة ترتفع أصوات المعوزيين منها من أجل تسوية عادلة لقضيتهم”.
وأوضح “تأسيسا على هذه الحقائق لايرغب العراق ان يجد نفسه في صراعات عسكريّة مرة أخرى مع دول الجوار، ومن الأفضل اللجوء الى المؤسسات القانونيّة التابعة للأمم المتحدة والمؤسسات الاقليميّة”.
 وتابع العيساوي: “في هذا الصدد تشير اتفاقية فيينا، التي جاءت لتنظيم استخدامات الأنهار الدوليّة، وقد عرفته بأنه النهر الصالح للملاحة الذي يفصل او يخترق عدة دول، وفي العام 1997 اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة اتفاقية قانون استخادم المجاري المائيّة للأغراض غير الملاحيّة ونصّت على وجوب أن لا تتسبب دولة المجرى المائي بضرر لدولة او لدول المجرى المائي الأخرى في حالة قيامها بتنفيذ نشاطات تلحق الضرر للدول
 الأخرى».