غودو السياسة

آراء 2022/07/06
...

 نجاح العلي
 
عقدان مرّا على المسرح السياسي العراقي، وطبقتنا السياسية مازالت تبحث عن نظام حكم يصلح في تحقيق التنمية والتطور والتقدم، وما زلنا نجرب ونغير قوانين الانتخابات من القائمة المغلقة إلى القائمة المفتوحة، مرورا بنظام سانت ليغو المعدل إلى الانتخاب الفردي والمناطق المتعددة، والفائز الذي يحصد أعلى الأصوات، ولا أعرف ماذا سنغير بعد، لكي يرضى السياسيون ويرضى الشعب ونصل إلى بر الامان السياسي والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
عندما عرضت مسرحية الكاتب الايرلندي صمويل بيكيت المثيرة للجدل (في انتظار غودو) في مطلع خمسينيات القرن المنصرم، خرج الجمهور والنقاد منزعجين جدا، لأن ثيمة قصة المسرحية تدور حول رجلين ينتظران شخصا ثالثا (غودو)، وتنتهي المسرحية دون ان يحضر غودو، الرجلان هنا هما (الطبقة السياسية) و(الشعب)، وما زال الحوار بينهما مستمرا، وقد تحدث مشادات بينهما على شكل تظاهرات واقتحامات ودعوة إلى تغيير النظام او تهدأ على شكل هدنة في انتظار ما تؤول إليه الأمور.
الانسداد السياسي الحاصل الان في انتظار عقدة تشكيل الحكومة من المفترض سيتحرك حسب التصريحات السياسية المتفائلة بعد عيد الاضحى المبارك، الانفتاح السياسي المؤمل حصوله يفترض أنه سيأتي خطوة إلى الأمام وليس العودة خطوة إلى الوراء إلى نظام المحاصصة الذي اثبتت التجربة فشله بشهادة جميع من اشترك فيه او راقب مجريات حدوثه، فلم يوفر مشاريع للبنى التحتية من ماء وكهرباء وطرق مواصلات وسكن وصحة وصناعة وزراعة، ولم يقضِ على البطالة والتصحر والجفاف وهدر المال العام واستشراء الفساد، وعدم وجود خطط تنموية حقيقية قصيرة او متوسطة او بعيدة المدى يمكن تلمس نتائجها رغم الموازنات الانفجارية وارتفاع اسعار النفط، التي لم يجنَ منها المواطن البسيط سوى ارتفاع الأسعار إلى الضعف وبقاء الراتب الوظيفي على حاله، ما خلق حالة من الاستياء والتذمر لا تحمد حقباها، اذا لم يتم اتخاذ خطوات عملية في توفير الدعم للأسر المعدمة والمتعففة والعاطلين عن العمل.
الانظار جميعها تراقب وتنتظر تشكيل الحكومة الجديدة، التي نأمل أن تكون من الشخصيات المهنية والكفوءة، عبر ضخ دماء جديدة في جسد العملية السياسية في وقت صعب ومصيري قد يكون حبل النجاة الاخير لهذه الطبقة السياسية، وإلا فإن أبواب الاحتمالات مشرّعة أمام كل الاحتمالات، ومنها ظهور غودو سياسة العراق الذي انتظرناه 
طويلا.