المرأة.. الطرف الأضعف في مؤسسات الدولة

آراء 2022/07/06
...

 أشواق النعيمي
مما لا شك فيه أن لموازين القوى الاجتماعية صورة مطابقة في مؤسسات الدولة وعلى مختلف المستويات ومنها قوة الهيمنة الذكورية، إذ يعتقد أغلب الموظفين أن العمل والفرص والمناصب والامتيازات أولوية فرضتها ذكورية المجتمع العراقي، والوجود النسوي في المهام الوظيفية يفترض أن يكون ثانويا مكملا لا أساسيا، مهما كان مؤهلها العلمي ومهما كانت كفاءتها المعرفية وخبراتها الوظيفية
 
 وأن المرأة لا يجب أن تتولى المناصب الرفيعة، ولا يجب أن تكون في موضع قيادة مهما كان متواضعا، استنادا إلى نظرة دونية فرضتها الطبيعة القبلية للمجتمع والعادات والتقاليد البالية، التي تحيد المرأة ولا تؤمن بدورها الفاعل في العمل وفي بناء ونمو المجتمع، بل ترى في النساء جنسا ناقصا لا يصلح إلا للمهام المنزلية، وندا أضعف من أن يكون خصما في أسوأ الظروف. ساعد على ذلك التراجع الخطير في منظومة القيم والأخلاق، التي عُرف بها المجتمع العراقي تحت ضغط الظروف السياسية والاقتصادية التي فرضت واقعا ينبغي التعامل مع معطياته الجديدة .
فيُستغل ضعف المرأة بدنيا واجتماعيا وعدم قدرتها على رد السلوك الذكوري العدائي اللفظي أو الجسدي، لتجد نفسها بين سنديان الحاجة الاقتصادية ومطرقة التهميش والإقصاء الوظيفي، خارج حسابات القوى المتصارعة وتوزيع الامتيازات بحسب العلاقات المبنية على المصالح المتبادلة، وتزج عمدا في وظائف محدودة أقل من إمكاناتها وقدراتها .
 أن نجاح المرأة العاملة في إدارة منزلها وتدبير شؤون أسرتها يجعلها قادرة على إدارة عملها بكل حرص وبراعة واتقان. المرأة التي تسعى إلى التوفيق بين دورها كأم وأداء دورها الوظيفي متجاوزة كل الصعوبات والتحديات الاجتماعية، تستحق من المجتمع أن يرفع لها القبعة تقديرا وامتنانا، لا أن يقف حائلا بينها وبين فرص النجاح والتطور، ويوفر لها كل الدعم والإمكانات المتاحة لا أن يضع في طريقها العقبات فقط لأنها امرأة ، ويعزز مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين في العمل لضمان تحقيق المساواة والعدالة، وتلك مهمة الدولة باعتبارها الكافلة لحقوق الجميع من خلال تفعيل القوانين والتشريعات، التي تعالج التمييز ضد المرأة في المؤسسات الحكومية وإشراكها في المناصب العليا والقرارات المهمة. وسن قوانين رادعة تحاسب المتجاوزين وتحمي حقوقها وكرامتها داخل المؤسسة الحكومية .
 المرأة العراقية المعروفة بجلدها وصبرها في سنين الحروب والحصار الطويلة أثبتت كفاءتها وذكاءها في إدارة المشاريع والأعمال الكبيرة وحرصها على تحقيق النجاح في المهام الموكلة إليها، ولدينا من النماذج النسوية التي نفخر بانجازاتها في المجالات الأكاديمية والاقتصادية، والدبلوماسية وغيرها الكثير . كل ما تحتاجه المرأة العراقية لتثبت ذاتها في واقع تختلط فيه الأوراق وتصادر فيه الجهود، هو منح الثقة وفرص العمل المكافئة وتطوير مهاراتها المهنية والقيادية من خلال برامج ودورات خاصة تتولى فيها الدولة مسؤولية النهوض بواقع المرأة كونها أساس المجتمع، والتثقيف لتجاوز النظرة السلبية تجاه عمل المرأة في المؤسسة الحكومية بوصفها شريكا فاعلا. 
نعم أن أولوية المرأة مملكتها الخاصة أسرتها وأولادها ، لكن تبقى بحاجة ماسة إلى العمل والاستقلال المادي لتوفير أبسط ضرورات الحياة والشعور بقيمة الذات وأهمية دورها لا كأنثى، بل مواطنة قادرة على العمل والإنتاج . وحينها يجب أن تعي أن بيئة العمل المختلطة، ما هي إلا مجتمع مصغر يحوي مختلف الطباع والأفكار ووجهات النظر، وأنها مهما تفانت واجتهدت واتخذت الحياد سبيلا، لا بدَّ أن تظهر في طريقها العقبات والمشكلات التي يتوجب التعامل معها بجدية ومواجهتها بإرادة صلبة ومحاولة تخطيها بحكمة. كما أن سعيها الحثيث للنجاح والتميز في العمل مهما كان متواضعا سيجعلها منافسا قويا لزملائها الذكور ورقما مهنيا يصعب تخطيه.