سعد صاحب
يبدأ الشاعر جملته الشعرية عن زمن ماض، عن عيد لم يحدد ماهيته، أو هويته المرتبط بها بشكل مباشر، هل هو ديني أم وطني أم إنساني شامل؟ ويكتفي بالقول (جان عيد)، العيون وليس الجسد المثقل بالأحزان، كانت وحدها تدور في سفر مفتوح، بين ما يبهج الدواخل وما يجلب السرور للروح.
في عالم من الألوان والعطر والاستئناس والقبل، العيون ترفرف بجناح خيالي يبعدها عن الأوجاع، وهذا تعبير مجازي رائع، من قبل مبدع يعرف ما يفعل بالضبط، خبير بأدواته الشعرية المتكاملة. (جان عيد او جانت اعيوني ابسفر / اتبوس دنيانه اوتدور).
حلويات
ما زلنا ندور في الأجواء المسترخية الشفافة الآهلة بالفرح، وما يرافقه من الآس والحناء والمجاملة والبخور والحلويات، والجفون في أوج نضارتها الشبابية، وما يبدو عليها من رونق ظاهر للعيان، ومن فضاءات جمالية تغري المخرج السينمائي بالتقاط لقطة متقنة، والعازف بابتكار لحنه الخاص، والشاعر بكتابة خطاب شعري مختلف، والحزين بالابتهاج والجذل ومغادرة الهموم. (جفن يهديلي حمامه / او جفن يهديلي بخور).
ماء الورد
الجفن هنا يمثل الفكر بكل تجلياته، السياسية والفلسفية والاجتماعية والدينية، وهو مشرع مثل الباب المكسور، لاستقبال الريح والأشباح والدموع والكآبة، إذ يكون محايثاً لعيد الأضحى، الذي تزور الناس به قبور موتاها، وترش فوقها ماء الورد وتوقد الشموع، والقبر عنوان الحزن والشقاء والوجع وانطفاء الوعي، وذاكرة الغياب محتشدة بالأسماء والوجوه والسراديب المغلقة، فتعلن الروح ثورتها ضد اليأس والاحباط والأنانية والوحدة، وضد قبول الأفكار بشكل آلي. (او لما اجيتك يا جفنه / عايدتني ابدمع وابشمع وكبور ).
صراحة
الركابي لا يحب المراء والتشويه والمداهنة والجدال العقيم، ويرفض الأشياء الباهتة ويكره المواقف المحايدة، ولا ينتمي إلى الادراك المشلول، العاجز عن حل أبسط القضايا، ويبتغي استبدال الكثير من المفاهيم الخاوية، بأخرى جوهرية ذات كفاءة ووضوح، تتقبل الآراء الناقدة والصراحة وتشخيص الأخطاء والعتاب. (ردت اعاتب / جاوبتني ابنفس ذيج الاسطوانه / صوتك الذابل يدور ).
نهر
هو الكلام المكرور نفسه، والوصايا الاجبارية الفاشلة نفسها، لا تعبر النهر المليء بالكواسج والحيتان والأفاعي، واستقر على ترديد كلماتك السابقة، ولا تغير قاموسك اللغوي بلغة جديدة، و هذا يعني الجمود الحقيقي لروح نابضة بالتجدد والتلقائية والاستمرار. (ابد لا تطفر نهر / وامشي ابدربك اشهور).
دلال
القصيدة عراك مستمر مع النفس، وممانعة لذيذة تشبه دلال الأنثى الفاتنة، فنحن حين ندعوها بالمجيء، لا تأتي إلينا طيعة كما نريد، وعندما نجافيها تشاكسنا، وتقتحم بيوتنا وتدخل صوبنا من ثقب صغير، وتأمرنا بالكتابة ونذعن إليها طائعين، لا سيما في أوقات المحنة والصراع والشدائد. (بس اكلك القصيده ابساعة الدم / هيه عالشاعر تثور). وحينما لا تجد الشاعر الذي يدونها بلا تخاذل، تذهب إلى مبدع آخر، لا يخشى العقاب والجوع والسجن والترحال، ولا تبقى رهينة ما بين شفاه مرتجفة، تخاف من البوح أمام ظالم جائر. (اولا تظل ابشفه خرسه / او ميته ما بين السطور).