حسب الله يحيى
يتكرر المشهد السياسي بعد كل دورة انتخابية, وليس ثمة اختلاف واضح بين دورة وأخرى منذ الدورة الانتخابية الأولى عام 2005 حتى الآن . والمعلن في العادة أن الكفاءات ستأخذ المكان الذي تستحقه عن جدارة, بينما ستكون الحكومة, حكومة خدمات، إلا أن الواقع السلبي الذي شهدناه مراراً, بات أشبه بقاعدة لا يسير على وفقها إنتاج ما هو أفضل من سابقه
فنحن لا نجد ـ إلا باستثناءات قليلة ـ من يتم تعيينه في هذه الوزارة او تلك على سبيل الكفاءة والنزاهة والخبرة والتجربة, بل نجد الامر معكوسا حيث يتم في الأعم الغالب وجود عناصر قريبة من هذه الفئة السياسية أو تلك، ليتم القول أن الأمر لا يتطلب إدارة عارفة وخبيرة، بل تعد الحاجة والضرورة إلى شخصيات سياسية تدير ادارة الدولة .
إلا أننا نتبين أن هذه (الشخصيات السياسية) التي يتم اختيارها على حسب ولائها, تفتقد حتى إلى الخبرة السياسية المحنكة القادرة على اتخاذ القرارات الصائبة والسليمة، ولا أدل على ذلك من هذه الفشل الذي رافق هذه (الشخصيات السياسية)، التي لا تتقن فن وعلم السياسة الذي شكل صفاتها ومأثرها وأصطفائها من بين مئات العراقيين الذين يمتلكون خبرات عالية كل في ميدان تخصصه ..
ولو تم انتخاب عناصر كفوءة ـ سواء كانت سياسية او مستقلة ـ لكنا في مقام رفيع في بلد غني مثل العراق، الذي باتت ديونه تشكل ثقلا يلاحق الأجيال المقبلة, فضلا عن الحاضر السلبي المثقل بالهموم والأزمات، التي لم تجد لها حلولاً منطقية سليمة, بل نتبين أن هناك أزماتٍ جديدة تثقل على المواطن كل حياته، وتعقد أوضاع أمنه وعيشه حاضرا ومستقبلا.
أن أسبابا جوهرية وأساسية يفترض أن تتم المكاشفة والمصارحة بشأنها, لا أن نجدها تتراكم وتتفاقم ويصعب حلّها بعد أن تمَّ ترحيلها سنة بعد اخرى ودورة انتخابية بعد دورة وحكومة سابقة إلى حكومة فتية.
حتى بتنا نشهد تراكمات ومشكلات مستعصية لا يتم الاتفاق بشأنها ولا الاستجابة لها، لأنها لا تفي بالوعود ولا بالاتفاقات، وذلك بسبب غياب العقل السياسي القادر على معالجة الامور بحكمة وروية سياسية مطلوبة, وبوعي اداري يمتلك مرجعية معرفية أصيلة وخبرة عالية على تجاوز الأزمات وذلك عن طريق الحقائق الواضحة والبينة إلى جانب تراكم الخبرات وآفاق الرؤى التي
يحملها.
من هنا لا نجد أيَّ تفاؤل لدى المواطن بشأن ما سيتم تحقيقه، وبالتالي لا يصدق تنفيذ الوعود التي يتم قطعها ولا الشعارات البراقة، التي ترفع باتجاه التعبير والاصلاح الموعود.
فكثيرا ما يسمع المواطن بالوعود التي تبرم, إلا ان هذه التفاؤل سرعان ما يحبط امام الواقع المادي الذي يشهده في كل حقبة سياسية, وسبب ذلك أن الجميع يعملون كما لو أنهم مؤقتون ويمثلون مرحلة معينة، وليس أمامهم سوى تحقيق مكاسب لانفسهم لا غير .
إنَّ هذا الفهم هو الذي يجعل المواطن يفقد الثقة بالعملية السياسية برمتها.. وأياً كانت توجهاتها؛ ذلك أنه من الصعب أن نجد إدارة حكيمة ترسم للعراق حاضره ومستقبله عن طريق العقول النيرة، التي تؤمن وتعمل في آن واحد على بناء عراق حر ومستقل وآمن، يرعى مصالح الجميع من دون استثناء ولا اقصاء.
فالوطن للجميع والبلاد لأهلها, والحياة لمن يلقي فيها بذرة امل مخلصة يمكن أن تزهر وتعطي ثمارها بكفاءة وقدرة وفهم عميق لطبيعة الحياة الجديدة، التي نترقب جدها وجديتها معا.