بغداد: فرح الخفاف
لم تكن "قمة جدة"، كما صورها البعض أو حاول تشويهها قبل انعقادها، بأنها سياسيّة وأمنيّة بامتياز أهدافها تشكيل تحالف لمواجهة دول أو جهات، لكن الرد جاء في كلمات القادة والبيان الختامي، إلا أن أبرز حدث هو مقترح رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإنشاء بنك الشرق الأوسط، اذ وضع النقاط على الحروف لتحقيق التنمية والتكامل بين الدول المشاركة بما ينعكس من فوائد جمة على الشعوب وفي مقدمتها الشعب العراقي، بحسب ما أكده خبراء وأصحاب اختصاص لـ "الصباح".
وقال الاستشاري في الاستثمار والتنمية الصناعيّة عامر الجواهري: إن "المقترح يعد التفاتة مهمة جداً وتحسب لرئيس الوزراء".
وأضاف أن "الهدف من انشاء البنك هو ان الاستثمارات العربية البينية يمكن أن تكون من خلال هذا البنك او أحد الداعمين لهذا البنك، لأن هناك الكثير من الأعمال، وتحتاج الكثير من الموارد والتجارة العربية البينية والعلاقات الاقتصادية العربية البينية بما فيها الخدمات وشبكات الطرق والبنى التحتية لتأمين جميع أنواع العلاقات العربية البينية من العراق إلى المغرب إلى البحرين وسلطنة عمان وسوريا، وممكن أن ترتبط مع دول الجوار شرقاً إيران نحو آسيا وشمالاً تركيا نحو أوروبا".
وأشار الجواهري إلى أن "النواة هي مجموعة الدول التسعة التي اجتمعت وبعضها قد لا يحتاج إلى هذه المشاريع، وقد يكون ممولاً، فهنالك دول لديها أموال وصناديق سياديّة كبيرة مثل قطر والكويت والإمارات والسعودية وحتى سلطنة عمان، لكن دول أخرى نسبتها السكانيّة كبيرة كالعراق والأردن ومصر من الدول المجتمعة نفوسهم السكانية تتجاوز 160 مليون نسمة، فتعد سوقاً كبيرةً وواعدةً، إذ إن هذه البلدان الثلاثة تحتاج إلى المشاريع الاستثمارية".
وتابع: "من الممكن أن رأسمال هذا البنك يمول مشاريع هذه الدول، إذ سيكون هناك رأسمال كل دولة تشارك في جزء منه، وسيكون هناك تمويل مشاريع وهذه عليها فوائد وتأتي بأرباح للبنك، وربما بعض الدول تدخل كشريك في مشاريع أخرى، فضلا عن رأس مال البنك".
وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي قد قال في كلمته خلال قمّة جدّة للأمن والتنمية: "يقترح العراق إنشاء بنك الشـرق الأوسط للتنمية والتكامل بالشـراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصـر والأردن. ويهتمّ البنك بالتنمية الإقليمية المستدامة عبر تمويل المشاريع في البنية التحتية التي من شأنها أن تساعد في ربط اقتصادات المنطقة، ويضع البنك في أولوياته تطوير شبكات الكهرباء الإقليمية، وخطوط أنابيب النفط والغاز، وشبكات الطرق السـريعة، والموانئ والمطارات والصناعات الثقيلة ذات السوق الإقليمية الواسعة، كما يموّل مشاريع في مجال إدارة الموارد المائية والتصحّر والتخفيف من آثار التغيّر
المناخي".
الجواهري أكد "ضرورة الجدية في أن يمارس هذا البنك عمله، خصوصاً أن العراق صاحب الفكرة فيفترض أن يكون لديه فريق رصين يضع مصلحة العراق أولا"، منوهاً إلى أن "الدول العربية فكرت بالسوق العربية المشتركة قبل الاتحاد الأوروبي، إلّا أن هذه الفكرة تمرّضت ولم تنشأ السوق المشتركة، رغم أن الدول العربيّة تمتلك العديد من القدرات البشريّة والماليّة والموارد الطبيعيّة وتعد سوقاً كبيرةً، لا سيما أن نفوسها تتجاوز 400 مليون نسمة".
وزاد بالقول: إنَّ "الفكرة رائعة، وأعتقد أن هناك من سيضع العصي أمام أن ينجح هذا البنك، لا سيما هناك الكثير، خصوصا البعيدين عن المنطقة لا يريدون أن يكون هناك أي تحرك جاد في المنطقة نحو التنمية والازدهار، بغض النظر عن التنافسيّة الدوليّة، لأنّهم يريدون أن ينتجوا لكي نستورد، ونأكل فقط ونصرف أموالنا، وهذا لا يعجب البعض مع ذلك علينا أن نقتحم الجدران مهما كانت صلدة".
ودعا الاستشاري الى "تشكيل فريق رصين ومهني ومقتدر حريص يسعى أن يضع الأساس لهذا البنك ويدعو باقي الدول بأسرع ما يمكن إلى عقد جلسة مع ممثلين عن هذه الدول، خاصة ان هذا البنك سيمهد إلى تنمية العلاقات الاقتصادية العربية البينية في البداية ولربما يكون نواة لزج الدول الصديقة، لا سيما أن هناك تحركا عراقيا لترطيب وإعادة العلاقات السعودية الإيرانية، فاذا كانت لا توجد هناك علاقات اقتصادية بين الدول الصديقة والمتجاورة ستكون هناك هشاشة في العلاقات السياسيّة، فضلاً عن إمكانية تحقيق علاقات استثماريّة مشتركة مع تركيا كخطوة لاحقة، ولكن في البداية لا بد أن نؤسس للنواة مع الدول العربيّة التي اجتمعت في قمة
جدة".
بدوره، أكد المدير العام الأسبق لمصرف النهرين الإسلامي عبد الحسين المنذري، ان "مقترح رئيس مجلس الوزراء بإنشاء بنك الشرق الأوسط للتنمية والتكامل يعد مهماً لتنشيط مشاريع التنمية في بلدان الشرق الاوسط ومنها العراق، لان بلدنا بحاجة إلى فتح باب الاستثمار والتمويل أمام رؤوس الأموال الأجنبية لكثرة المشاريع التنموية المتوقفة او المتلكئة او المؤجلة".
وقال: إن "هذا البنك اذا ما كان رأسماله كبيرا فستغطي تمويلاته عدداً كبيراً من هذه المشاريع"، مبيناً أن "لدينا مشاركة في البنك الإسلامي للتنمية والمختص بتمويل مشاريع التنمية في بلدان دول منظمة التعاون الإسلامي.. ونحن من المؤسسين للبنك برأسمال كبير، ولكن لم نستفد من تمويلاته بسبب الخلافات السياسية والعقوبات الدولية التي رافقت أحداث الكويت، والآن وضعنا السياسي تغير بعد العام 2003 وتحسّنت علاقاتنا مع الدول الاسلاميّة، خاصة الخليجيّة، وعلينا استثمار هذه الفرصة في التواصل مع إدارة البنك الذي مقره في جدة في السعودية، ولدينا ممثل في مجلس محافظي البنك، وكذلك لدينا عضوية في بنك التنمية الآسيوي المختص بتمويل مشاريع التنمية وبالإمكان مطالبة البنك بتمويل مشاريع التنمية التي
نحتاجها".
وأشار إلى "وجود مقترح سابق لتأسيس مصرف تنموي بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشاريع الطاقة والصحة والتعليم والإسكان وغيرها، ونكرر الدعوة لتأسيس هذا المصرف، لأن لدينا الأموال الكافية لتكون رأسمال عاليا للتأسيس".
كما أكد الخبير المالي ثامر العزاوي، أهمية مقترح الكاظمي الخاص بإنشاء بنك الشرق الأوسط. واقترح العزاوي أن "يتم فتح فروع له في الدول المشاركة به، وان تدخل المصارف العراقية في شراكات معه، للشروع بمشاريع تنموية
عملاقة".