من فوهات المدافع إلى مروج المزارع

آراء 2022/07/19
...

  وليد خالد الزيدي 
حب الحياة هو ما يحمل الانسان إلى النظر نحو الامام والتقليل من عقد الماضي، وتجاوز الخوف والقفز على موانع الأمل، قبل فوات الأوان، بيد أن تلك المضامين أفرزها بشكل جلي الصراع الحالي بين الغرب من جهة، وروسيا من جهة أخرى على أرض الواقع.
الذي تجسد بسخونة الأحداث العسكرية الجارية الحالية في أوكرانيا وهي قلب أوروبا والرقعة الخضراء، التي ينظر اليها المجتمع الدولي نظرة مثالية لحياة اكثر أمنا وازدهاراً في كوكبنا المحفوف بالمخاطر, فالغرب بقيادة الولايات المتحدة بدأ يتيقن مخاطر هذا الصراع، وأستدل ايضا على اتجاهات الازمة, وما ينبغي الركون اليه بالفعل, فبعد أن تصور المعسكر المعادي لروسيا ورؤيتها لتلك الحرب على أنها مجرد حملة عسكرية, متناسيا أن مساحة الصراع وأبعاده الزمنية، أكثر ضررا من مساحة الحرب المستندة إلى أبعاد مرحلية محدودة الزمن, لا سيما في ظل طرف عنيد كروسيا يرى فيها وجوده او تلاشيه في عالم اليوم, حتى وصل الأمر إلى ترطيب لغة الحوار والتقليل من آثار العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، التي شملت أيضا الأطراف التي اصدرتها, ومن خلال قرار أميركي برفع عقوباتها عن استيراد الأسمدة والبذور وبعض المحاصيل الزراعية، والعودة لشراء المواد النباتية من المناشئ الروسية.
ما وصل اليه المعسكر الغربي كان أصلاً يدور في خلد القادة الروس, لكن هذه المرة جاء بعد أن شعر منظرو هذا المعسكر بعدم جدوى التلويح بالتصعيد ومنطق التهديد وسيادة لغة المدافع على حكمة الحوار, ومبدأ السلام, وطالما حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مغبة عقوبات الغرب الكارثية على بلده, وتاثيرها في الأسواق العالمية وأسعار وحجم عروض المنتجات الغذائية, ما دفع وزارة الخزانة الأميركية الى رفع العقوبات عن استيراد الأسمدة، والأغذية، والبذور 
الروسية.
رغبة واشنطن تلك جاءت متناغمة مع قرار الاتحاد الاوربي لبحث رفع العقوبات عن بعض أطراف حكومة موسكو، بعد ان شعر قادة الاتحاد بالحاجة الى العودة عن قرار العقوبات ضدها.
ما يلفت النظر في دواعي الغرب من تلك الرجعة أنها كانت شبه متوقعة من قبل ساسة موسكو, بل حتى منظري  الاقتصاد العالمي, وهو ما تجسد بالفعل في ما بعد، حتى وصل الأمر بالحلفاء ضد روسيا الى التسليم بأن تلك العقوبات غير مدروسة, وأنها لا تستند إلى أساس قانوني قوي, بالرغم من إمعان روسيا في كيل الضربات داخل العمق الأوكراني, وهذا ما يشكّل بحد ذاته تراجعاً في مصداقية المواقف الغربية لمساعدة حكومة كييف في تصديها للحرب الروسية, الأمر الذي يضعف من إرادة البلد الصديق للدول الغربية، والذي كان على أعتاب عهد جديد من التحالف العسكري الستراتيجي معها.