تحذيرٌ للحكومة المقبلة.. الأرامل والمطلقات أمانة في أعناقكم

ريبورتاج 2022/07/20
...

   علي غني 
ما يقارب (215) ألف امرأة أرملة و(88) ألف مطلقة (بحسب احصائيات وزارة التخطيط)، واذا ما أضفنا غير المسجلات في وزارة التخطيط، فإن العدد يتجاوز المليون او ربما اكثر، يا للهول!، يتبعهما جيوش جرارة من الأطفال والشباب، تمشي في حقول ألغام، قد تنفجر في أي لحظة، صراخ ما بعده صراخ، ولاتوجد حلول ناجعة (حتى الآن)، تدخل الفرح إلى قلوب هذه الأمهات اللائي تركها المجتمع فريسة الوحدة والصراع الداخلي، والأحلام التي تتقاذفهن بين أمواج البشر السائرين نحو المجهول، لماذا ترك المجتمع هذه الفئات؟، وحيدة من دون حلول حقيقية، لاسيما أن كثيرا من الغموض يسود حياتهن الداخلية، وحاجتهن للرجال، والأمان الداخلي، واعادة النظر جذريا في حياتهن الاجتماعية، فهل سننهض بشريحة الأرامل والمطلقات بنحو جديد؟، فتعالوا معنا.
 
قصصٌ حقيقيَّة
أريد رجل أطير به (والدموع تترقرق في عينيها)، هذا ما قالته لي (س)، المطلقة صاحبة الـ(34) ربيعا، والموظفة في إحدى مؤسسات الدولة، والتي تمتلك تجربة زوجية فاشلة، لقد عانيت من بخل زوجي الأول الذي حاول قص جناحي، باتهاماته المتكررة، وأبرزها (الخيانة)، وحطم مصير الطفلة التي بيننا، والسبب الذي أدى بي لهذه الحالة، أن أهلي استعجلوا باختياره لي، وقلت لها، هل تفكرين بالزواج بعد هذه التجربة، فأجابتني: لم لا؟، لكن هذه المرة أنا الذي اختار، وكررت السؤال عليها، اذا عرض لك رجل ما الزواج، ولكن بنحو سري، وفيه بعض المواصفات التي تتمنيها (برجل) أحلامك فقالت: أرفض رفضاً قاطعا، لانه قد يغدر بي، ويأخذ (شهوته) ويتركني، وقد قدمت لي عروض كثيرة، ولكني رفضتها، نحن نحتاج الى تغيير جذري في طريقة التعامل مع المطلقات والأرامل، أقول لك حقيقة، ان المرأة المطلقة تحتاج الأمان من الرجل قبل اللذة، وأن يرفع الوصاية المذلّة عنها التي لا تفرق بين الدين والأعراف.
 
لم أفكر بالزواج
وبينما أنا اواصل رحلتي بين دوائر الدولة والمنظمات المدنية والمحاكم، تطلعت إحدى الارامل الى حقيبتي وجهاز التصوير، وأنا أدخل إحدى المحاكم، فعرفت أني من أسرة الصحافة وأبحث عن حياة الارامل والمطلقات في أروقة المحاكم، لتقدم نفسها لي وهي تقول: ترملت منذ عشر سنوات، وانا أبلغ من العمر (57) عاما معلمة ما زالت بالخدمة، وأولادي بلغوا سن الشباب، أحدهما خريج كلية، فقلت لها لماذا لم تفكري بالزواج في بداية ترمل زوجك؟، فأجابتني بدهشة: إن الزواج ليس نهاية العالم لدى المرأة، بل أحيانا يحد من أحلامها وطموحها، لكني لا أخفيك الحقيقة اذا ما فكرت بالزواج، فأني أبحث عن الانسان الذي يهتم بأولادي الشباب من دون أن يستغلني، وكيف (تعيشين) الآن، فقالت بصراحة: أنا كيفت نفسي على العيش بمفردي، أو السفر مع (الكروبات)، وماذا لو عرض عليك أحدًا الزواج (المؤقت)، فأقول لك بجرأة، أنا أفكر وأقول، هل كل رجل يفهم شروط هذا الزواج؟، فقط، أقول لك ذلك وأصمت، ولا تسألني بعد!.
 
زواج سري
بينما اعترفت لي الأرملة (ج م) بأنها تزوجت من أحد زملائها الموظفين المتزوجين بشكل (سري)، وانها تحافظ على سرية العلاقة، لأني بذلك (والكلام لها)، قد حصنت نفسي من الوقوع بالرذيلة والحاجة، فانا لا أضغط عليه، ولا أمنعه من التمتع بالوقت الكبير مع عائلته الاولى، وما زالت علاقتنا مستمرة وتسير على ما يرام بحكمتنا وطريقة إدارتنا للأمور المشتركة، وأنا سعيدة بهذه العلاقة.
لكن الارملة (ص) ربة بيت، تنتظر قسمتها، لأن الأهل يفرضون شروطا على المتقدم لها، كونها شابة في مقتبل العمر، وهي تريد تتزوج (سريعا)، وترى أنها لو بقيت على شروط اهلها، ما تزوجت نهائيا، وعبرت عن تضامنها مع الأرامل والمطلقات واقترحت (صاد)، أن تتولى الحكومة شؤون الزواج عن طريق جمعيات انسانية، بدلا من (الكروبات) التي ربما تقود المطلقة أو الارملة الى (السقوط الاخلاقي)، وأعتقد أنه لا توجد رقابة عليها، وضمن شروط  سهلة تتيح للشباب قبول  الزواج، لا سيما (جليسات البيت مثلي).
 
وعاء من الشهوة
الارملة (ي) اقتربت من العقد السادس، لكنها تفيض بالحيوية، وهي تنظر إلى الترمل بأنه قدر لا بدَّ منه، مؤكدة، بأن الأرملة مظلومة في مجتمع ينظر لها بأنها (وعاء من الشهوة)، فإذا تزوجت مرة اخرى عليها أن تربي أولادها وأولاد زوجها، او تتخلص من أبنائها عند جدتهم أو في بيوت الرعاية الاجتماعية، اما اذا تزوجت بنحو سري، وانكشف امرها، فتلك مصيبة أخرى، فمن يوفر متطلبات الحياة لها، إن كانت وحيدة؟، إن المشكلات الاجتماعية تحيط بالمرأة المطلقة من كل جانب، لذلك تحتاج الى مؤسسات حكومية تنظم حياتها من حيث الزواج والامور المادية، والحماية القانونية، وأنا لا أحبذ الزواج عن طريق (المجوعات بالفيس)، لأنه غير مضمون، وربما يقود الى كارثة اجتماعية، اذ كان الطرف الاخر من (المبتزين).
ولخصت إحدى الارامل (ج. ف) حياة الأرامل بانها: عبارة عن شقاء وتعب وتحمل ومسؤولية أكبر من حجم المرأة، وبالنهاية نجني الأمراض والتعب، ولا أخفيك أنا أعيش لوحدي، صحيح أن الابناء كبروا لكن لا أحد يشاركني بالمسؤولية، فأنا صرت الأب والأم لهم، وتخلوا عنهم أعمامهم عنهم، وتركوا المسؤولية الكبرى تقع على عاتقي، أنا الآن أسكن بيتا مؤجرا، بعد أن بعنا البيت (بسبب النزاعات)، وخسرنا جميع الاموال، فأنا  الآن صامتة تقتلني الحسرات، لكني لا (أبيّن) لأولادي بأني متعبة من أجل تعويضهم عن فقدان الأب.
 
مواقع التواصل
تحدث لي الارملة (ص غ)، التي وقعت فريسة المجموعات المعنية (زواج المطلقات والارامل)، على مواقع التواصل التواصل الاجتماعي، وهي تقول: عرضت على رئيسة المجموعة (صاحبة المشروع)، بأن أتزوج (زواج تبين في ما بعد بأنه زواج مؤقت)، عندها طلبت مني (عنوان السكن)، فهيأت لي خمسة رجال، وكل واحد عمره، ومواصفاته، وهل يتوافر له سكن أم لا، لكن (أقسمت) أنها لا تكلمني الا عندما أدفع قسيمة الاشتراك، (كارت ابو الخمسة، اسيا او عراقنا)، والا سترفض طلبي، ووجدت في ما بعد بأنه نصب واحتيال، ومثل ذلك العديد من المجموعات التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مثل هذه الامور.
 
دورة زواج
لم أكن أتصور أن  الدكتور عدنان خزعل الشمري الطبيب الباحث بامراض السرطان، وعضو الهيئة الادارية لرابطة المجالس البغدادية الثقافية، عالمٌ بأحوال المطلقات والارامل، ويقف على الساتر الاول لحل مشكلاتهن، فقلت ما الحل لانصاف هذه الفئات، فقال: تريد الصراحة، فأجبته بنعم، نحن نحتاج إلى توعية اجتماعية ومنبرية وخطابية ندخل الى دور الاعداديات للبنات والولد، فالزواج (نصف الدين)، فعلينا تشجيع الأرامل والمطلقات على الزواج بإدخالهن (دورة زواج)، ونفهمهن الاحكام الشرعية، وأهمية الزواج والارتباط الشرعي. وعلينا (والكلام للدكتور عدنان) أن نثقف نحو الزوجة الثانية، لأن الحروب والامراض والاضطرابات، غيبت العديد من الرجال، وهناك احصائية تقول إن نسبة الرجال (٣٥٪) في حين تبلغ نسبة النساء(٦٥٪)، وهذه عبارة جرس انذار للمجتمع، بأن يأخذ مشكلة الترمل والطلاق بعين الاعتبار.
 
القضاء الحاسم
ويواصل (الدكتور الشمري)، على منظمات المجتمع المدني أن تأخذ دورها الفاعل في مساعدة هذه الفئات، والضغط على الدولة في توفير السكن الملائم، وحل مشكلات الأبناء ودمجهم في المجتمع، وتخفيف الحمل عن الأمهات الأرامل والمطلقات، وأريدك أن تسمعني (الدكتور يخاطبني)، أن على القضاء أن يكون حاسما في قضايا الطلاق، فليس كل (سيد) يطلّق يقتنع القاضي بكلامه، وأن أي امرأة أو رجل يرومان الزواج يجب أن يحصلا على شهادة سلوك من العائلتين، واعتبر (الخزعلي)، الزواج بكل انواعه، كحل مؤقت، لان المرأة تحتاج الى حياة، والى (ولد) تنتظره لذلك يجب ان يكون هذا الزواج تحت (إشراف الدولة، المؤسسات الاجتماعية، منظمات المجتمع المدني، رجال الدين)، وأنا أتمنى أن تتشدد الدولة في قرارات الطلاق بالمحاكم، وان يخضع طالب الطلاق إلى تعهدات تحت ضابطة مهمة، كما يجب ان تكون مواصفات منظمات المجتمع المدني التي تتولى أمور الزواج والطلاق متدربة على يد رجال دين متخصصين، وأن تأخذ جميع الأمور الاجتماعية والمادية والقيمية، وحتى أكون صادقا، ولا اخون ضميري، فأن العديد من الارامل والمطلقات يعترفن لي (بحاجتهن) إلى الزواج، واعترفت لي إحدى النسوة، بأنها يمكن أن تعطي الاموال التي تملكها لأول رجل حقيقي يطرق بابها للزواج.
 
فرص عمل
وحتى نبني مؤسسات زواج حقيقية (والكلام الشمري) وهو يختم حديثه، يجب أن نؤسس منظمات في كل وزارة ترعى المطلقات والارامل، ونقوم بتزويج الموظفين والموظفات الأرامل والمطلقات، مع الاشراف التام من اشخاص لهم خبرة ومقبولية في الدائرة، كما علينا أن نؤسس منظمات مجتمع مدني متخصصة (بالحياة الاجتماعية)، داخل كل منطقة، ولديها أعداد حقيقية بالمطلقات والأرامل داخل المنطقة. 
المصادفة وحدها قادتني إلى عضو مجلس بغداد السابق الحقوقية تغريد صالح الشمري، التي كانت لها مشاريع عديد في إعانة الارامل والمطلقات، التي أكدت أن المعالجة الحقيقية والمستقبلية لهذه الشريحة التي ليس لها معيل توفير فرص عمل تحفظ كرامتها من خلال دعمها بمشاريع صغيرة تمكنها الاعتماد على نفسها من دون الحاجة الى الاخرين، فضلا عن المطالبة بتوفير  درجات وظيفية للارامل والمطلقات اللائي لديهن شهادات ودرجات عاملة خدمة،  فضلا عن مساعدتهن للحصول على رواتب الرعاية الاجتماعية.