حارث رسمي الهيتي
في نيسان المقبل سينهي هذا النظام السياسي عقده الثاني، نظاماً كان يراد له – على الأقل في أحلام الناس البسطاء- أن يكون نظاماً عادلاً مستقراً ومستقلاً، يضع على رأس أولوياته مصالح هؤلاء الفقراء والبسطاء، نظاماً بدأ قلقاً وسحبنا معه طيلة هذه الفترة في دوامات من القلق، ننام ونصحو على أمل أن تصفى الحياة ساعة.
صفة الثبات في العنوان اعلاه لا تعني الاستقرار –فهذه الحالة بعيدة المنال على ما يبدو- بل تعني الجمود، الثبات هنا حالة تشبه السلفية إلى حد ما، أن يقف العقل عن التفكير ويكتفي بأن يتعامل مع الحياة، بناءً على النص الثابت الذي يُحرم على الجميع مراجعته واعادة التفكير فيه وحوله. عادةً ما تخلف الأزمات موجات من المراجعات، تتمثل الأخيرة بإعادة طرح كل البنى القديمة– دينية واقتصادية وحتى أدبية- التي أسهمت بولادة الأزمة– أو يعتقد كذلك- على طاولة الدرس والتحليل، ورغم ذلك يأبى النظام السياسي في عراق ما بعد ديكتاتورية صدام على مراجعة أي شيء رغم كل تلك التعقيدات والازمات، سنوات من الاقتتال الطائفي ولم يتحرك شيء،
وسنوات أخرى من سيطرة عصابات ارهابية على مناطق ومحافظات بعينها لم تدفع باتجاه دراسة
شيء، سنوات من الحرب على داعش ومثيلاته، ملايين من النازحين
داخلياً ومواسم من الهجرة إلى الخارج مرت وتمر دون أن ينتبه لها أحد، دستور أصبح عقدة المنشار في كثير من المشكلات باعتراف كثير ممن أسهم بكتابته واداخله حيز التنفيذ، سنوات من الفشل في انتاج هوية وطنية تجمع المختلفين، كل هذه و”قادة” و”زعماء”، هذا النظام يعتقدون بانه الأمثل والأصلح في المنطقة!
لم ينتج التفكير بهذه العقلية “السلفية” الجامدة، المتشبثة بقواعد هي تعتقد بعدم امكانية الخروج عليها سوى الظلام، العتمة التي تقف حائلاً دون أن يجد العقل والمنطق طريقاً لأدواته كي تعمل. مراجعة حقيقية وصريحة ومكشوفة، يشارك فيها الجميع باعتبار أن أي نظام سياسي في أي بقعة من الأرض ينجح متى ما كان معبراً عن تطلعات الجميع، هذه المراجعة كفيلة بتصحيح مسار هذا النظام الذي سينهي عقده الثاني من دون نجاح يذكر، وألا سيأخذنا إلى دروب مغلقة ومجاهيل لا يعرفها حتى “قادته” و”زعماؤه”!.