كاظم الحسن
ما يحدث في العراق من استعصاء سياسي، مستمر ومتكرر بعد كل انتخابات ونعود إلى “المربع الاول”، كما يقال في خطاب مرحلة بعد التغيير النيساني، يعود بالدرجة الاولى إلى السلاح المنفلت وذلك لا يمكن كخطوة أولى، معالجة الفساد المستشري في مفاصل الدولة، ما لم تحتكر السلاح وتطبق القانون على الجميع، دون استثناء وإنهاء هذا التداخل الخطر، بين الدولة والقوى النافذة، دون وجه حق وهي مهمة صعبة للتصدي لها، في ظل اجواء فيها التجاذبات السياسية والتراشق بالتهم، بين أطراف سياسية هي السائدة والفاعلة على الساحة العراقية المنقسمة حول نفسها؟ إن التمترس خلف السلاح، الذي كان له موجبات الدفاع عن البلد والتصدي لداعش ينبغي أن لا تحيد عن هدفها المشروع وتنجر لفرض أجندة سياسية معينة؟
العراق بلد غني وله ثقل سياسي في المنطقة وأحد أهم الاقطاب العربية والإقليمية على مر التاريخ، ولا ينبغي أن يكون تابعا، إلى أي دولة وألا يكرر أخطاء الماضي، التي كبلت العراق بالديون وحرمته من التنمية والاعمار والبناء وزجته في حروب عبثية خاسرة، لا ناقة له فيها ولا جمل، تحت مسميات زائفة “الدفاع عن البوابة الشرقية».
واليوم يراد أن يزج البلد في ما يسمى محور المقاومة والممانعة، ونبقى في حالة صراع دائم ليس له نهاية في الأفق، وكأنَّ البلد مشروع دائم للحروب وصناعة الازمات وعلى ماذا هذه التضحيات؟ بعد كل هذه التجارب المريرة، التي قدرَ ان يكون العراق وقودها، لا بدَّ أن يكون شعار العراق أولا وصناعة السلام، لهما الأولوية في هذه الأوقات العصيبة، التي يمر بها هذا البلد الجريح ،على يد أبنائه وهذا الحال يستدعي حصر السلاح في نطاق الدولة ودمج المليشيات في مؤسسات الدولة، لكي تنخرط في العمل المدني
وتسهم في بناء المجتمع، وهذا كان ديدن كل القوى المسلحة في العالم، مثل تجربة فيتنام والجزائر والصين في صراعهم ضد الاستعمار، وكذلك تجربة فرنسا في الحرب العالمية الثانية والكثير من التجارب العالمية، التي لايتسع المقال لذكرها هنا. لا يمكن لأي دولة ناجحة في العالم، أن تتقاسم السلطة مع قوى متنفذة وتستحوذ على موارد الدولة، باسم هذه الجهة أو تلك
تحت، لتغطية الفساد المشرعن، بشعارات فضفاضة مكشوفة المقاصد والأهداف
والمرامي الخاصة بها، وهذا الحال المنفلت يجب أن توضع له الحدود وتحجمه وتحد من
صلاحياته، لكي لا يتغول على الدولة ويحط من هيبتها وفرص نجاحها واقرارها للنظام والقانون والعدالة، هذا الهدف يجب ألا يغيب عن عيون رجال الدولة الذين يرومون بناء عراق مزدهر وناجح وقدوة للآخرين.