سعد صاحب
هكذا تنتهي الأشياء الجميلة بسرعة البرق، ويغادر الحب بعيدا إلى حيث الهاوية، إلى حيث الجفاء بعد صحبة طويلة، كنا فيها أحلى حبيبين في الوجود، كنت لا تنام الليل دون الاطمئنان على صحتي، وأنا لا استعذب الحياة بلا حضورك الدائم معي، فأنت أهلي وناسي وخلاني وعشيرتي، وأنت أحلامي وحكايتي المليئة بالتفاصيل السعيدة.
كم جلسنا معاً على مصطبة واحدة، وكم ضحكنا إلى حد الدموع، كيف تلاشى ذاك الغرام إلى الابد؟ وكيف بقي السؤال مصلوباً على شفاهي بلا جواب؟ وكيف أواصل المشوار بغياب تلك الابتسامة الرائعة؟ (خلصت صدك وك صدك / خلصت صحبتي وياك / تذكر كعدنه سوه / واشكد ضحكنه وياك).
رحيل
بعد هذه الساعة لا يحق لي الانتظار، ولا حتى الحلم في لقاء عابر سريع، فقطار الفراق رحل بك صوب النهايات البعيدة، صوب اللاعودة ثانية إلى روحي الجريحة، فلا هدايا ولا مواعيد ولا ساعي بريد يجيء بالرسائل. لماذا دمرتني برحيلك المباغت؟ لماذا قطعت الماء والكهرباء والهواء على عاشق يعاني من الوحدة والاختناق والهجران؟ لماذا نثرت عقد المحبة ما بين الصخور؟ لماذا اوصلتني للسماء الأخيرة ثم تركتني أهوي إلى حفرة سحيقة بلا جناح. (لا ننتظر جيتك ولا نحلم بملكاك / عليتني للسمه وهديتني من اهناك).
سكوت
بطيئاً موحشاً مر الوقت مثل مشي السلحفاة، ومرت الشهور الكئيبة شهراً بعد شهر، ولا شيء سوى السكوت المدمر، السكوت البغيض الذي لا يحمل خلفه سوى الفواجع، لحظة فاصلة أصبح فيها ذلك العشق العظيم أطلالا من الماضي، وذكرى يابسة بلا أوراق ولا حياة ولا جذور. (وك صدك مر الوكت / شهر وشهر وسكوت ). الصباح جنازة صفراء محملة بالخوف والغبار والأكاذيب والرعب والمجهول، والمساء غيمة حمراء مثقلة بالقلق والقسوة والندم والارتباك والشقاء والحكايا الغريبة، وما بين شفق مريب وما بين غسق كئيب وما بين غبش ضبابي، تتوارى خلف التلال روح رمادية، تغيب في أفق من النسيان والحنين والارهاق والانكسار والطعنات. (بين المسه والصبح / كل يوم روحي
تموت).
صوت
العاشق المقتول بحراب الإهمال والغدر والنميمة والأباطيل، يحيى من جديد بضحكة من ثغرك البسيم، بايماءة من يدك المشرقة، بكلمة من صوتك العذب الجميل، فحروفك أنغام تجعلنا نرقص من دون مناسبة او احتفال، والروح تعود إلى جسدها المدفون في مقابر العاشقين، لو ناديتني بحرارة الصوت الملائكي الرقيق.( بكلمة هله احييتني / لو بس ترد الصوت ).
أحياناً نحلم أننا نصادف شخصاً نعرفه في الطريق، وفي اليوم التالي نلتقي به بلا معاد، ونحن قوم العشاق، أكثر أحلامنا تشبه أحلام الأطفال الغرائبية العجيبة، فهم يحلمون برحلة إلى القمر، او إلى جزيرة نائية، وإنهم مثلنا مأخوذون بحب الاستطلاع، وشاعرتنا تجاوزت الخيال بهذه الصورة المتفجرة المثارة، فهي تحول الحلم إلى واقع، وتعيش جذلانة بما يشبه الحقيقة
الساطعة. (بالحلم لا مو حلم / ننسى الحلم ونكوم).
الحب في أفضل حالاته أشجان مستمرة، والحب عالم غريب من الألم والفرح والهوس والاضطراب والذل والكبرياء والتهذيب والانفعال والبوح والانكار والجرأة والحياء، والحب أكاديمية للفنون الجميلة، فهو كون غامض من الألوان والرقص والقصائد والأغاني والتراتيل والهزيمة والانتصار. ( يا حبنه حركة كلب / مملي عتب وهموم).
ثوب
الصورة الأخيرة الذروة الشعرية المستفزة للوجدان، وافصاح بدائي عن حالة عشق مجنونة، فالإنسان في مجمل حياته يرتدي ثوباً واحداً يعتاد على عطره الأليف، وحينما يتمزق الثوب او يفقد في هبوب الرياح، لا تستر المغرم المجنون أثواب كل العالم الراقية. (ثوبي بعد ريحتك / زين وعليه هدوم).