تسريب النوايا

آراء 2022/07/24
...

 حمزة مصطفى
 
بعد إجراء عملية جراحية حيث يمكن أن يفصح  الإنسان تحت تأثير المخدر عما في دواخله.
ومع أنها تبدو أقرب الى الهلوسة، لكنها لا تتضمن ما في نواياه الدفينة.
لكن هل من المنطق البناء عليها لكي يوضع في دائرة اللوم أو المحاسبة.
فالنوايا في النهاية كاشفة عما ينوي المرء التخطيط له أو العمل  عليه او التهيؤ له.
وإذا كان بعضها يمثل ضرورة من نوع ما, طالما تعبر عن نوع من الحماية الذاتية أو الدفاع عن الذات في مواجهة خصوم واقعيين أو محتملين, فإن السؤال هنا.. ما الفرق بين النية والتحسب المسبق؟
وأين مكمن الخطأ بين الاثنين, النية أو التحسب؟
هل يحاسب المرء على سبيل على نواياه، التي قد يعبر عنها في هلوسة ليلية على شكل حلم يسمعه من هو قريب منه أو تحت تأثير المخدر؟ 
ربما تتعدد صيغ الإجابة عن مثل هذه الأسئلة.
فهناك من يرى أن الحلم تجسيد لفعل مكبوت طالما تتوفر أدوات تحققه يتحول الى فعل واقعي ملموس.
الأنظمة الشمولية تحسبت لمثل هذا الاحتمال بحيث تتم محاسبة الناس أحيانا على النوايا.
تحضرني هنا رواية “قصر الأحلام” للروائي الألباني إسماعيل كاداريه، التي تناولت هذه المسألة بالذات.
فلقد عهدت مهمة تفسير أحلام الشعب لدائرة خاصة في المخابرات.
وربما يحكم الناس بالإعدام  لا لعمل اقترفوه، بل لمجرد حلم بعد أكلة دسمة. 
لروائي الإنكليزي الشهير جورج أرويل جسد ذلك هو الآخر في روايته “1984” التي كتبها عام 1948.
وربما هناك أمثلة أخرى لمن يريد “يبحوش”.
 ولأننا نعيش منذ أيام ظاهرة تتعلق بتسجيلات مسربة, فإن هذه الظاهرة من حيث المبدأ ليست جديدة.
فقبل اختراع الهاتف النقال كانت تستخدم عدة أجهزة لمن يراد التسجيل له، سواء كان التسجيل فيديويا أو صوتيا فقط. 
والأهم من التسجيل المسبق   هو الاختراق، وآخر الاختراقات تمت عبر نظام بيغاسوس الذي هو أحد برامج التجسس.
أين نحن من هذا كله؟
نحن الآن في الدائرة الصفرية لما يمكن تسميته “تسريب النوايا” يقوم على تسجيلات مسربة، لأحد الزعامات السياسية في البلاد اختلف القوم في ما إذا كانت مفبركة أو حقيقية.
لكن بقطع النظر عن النفي أو الإثبات، فإن من يتولى تسريب هذه التسجيلات من خارج  الحدود يقول بوضوح إنه لن يكتفي بما سربه حتى الآن. ففي تصريحات تلفازية له يشير الى أن لديه المزيد منها تتعلق بآخرين. وربما هناك ما هو “أقمش” مما ظهر حتى الآن. التسريب سيأتي إذن “إجن, إجن”، وربما حسب الحاجة والأولويات. إن صح ذلك, فإننا أمام إشكالية كبرى تتصل بأصل “بنية” النظام السياسي.. لا نواياه.