خلَل الأجهزة الرَّقَابيّة انْحرافٌ بالاتجاه

آراء 2022/07/26
...

  عصام كاظم جري
 
نقفُ اليوم على أسباب عدة، لتفشي ظاهرة الفساد الإداريّ والماليّ، وأهم تلك الأسباب سيطرة الأحزاب السّياسيّة على ملف الرَّقابة الماليّة، من خلال نظام المُحاصصة الذي حكم البلاد بعد عام 2003، وتعدُّ هذه السّيطرة انْحرافا في الاتجاه الصّحيح لبناء دولة ومؤسسات، فضلاً عن الاتفاقيات غير المُعلنة بين تلك الأحزاب في عدم تفعيل بعض القضايا منها مُحاسبة الفاسدين، وبهذا أتيحتْ لهم فرصةٌ للتلاعب بالقوانين والالتفاف عليها، ويبقى ملف مكافحة الفساد مسؤوليّة الجميع، لقد تكالب الفاسدون على نهب ثروات العراق والسّطو على أراضيه وعقاراته وعقد صفقات مع شركات وهمية بغطاء قانونيّ، وبتأييد من بعض أصحاب النفوذ سواء أكانوا سياسيّن أمْ رجال دين، معتقدين بأن أمرهم خافٍ عن الجميع، وتناسوا بأن للفساد الماليّ والإداريّ آثاراً كبيرة في تحجيم إداء ملف الاقتصاد، وكذلك بقية القطاعات الأخرى كالأمن والصّحة والتّعليم والزّراعة والصّناعة وغيرها.
فضلا عن الآثار النّفسية السّلبيّة التي تُصيب المُواطن بالمجمل .
إن للفساد والعوامل المُسببة له دور أساسيّ في فشل التّخطيط الاقتصاديّ والمشاريع الاستثماريّة 
ولإعادة أملاك البلد المنهوبة من قبل حيتان الفساد أو ما يُسمى بالدّولة العميقة لا بدّ من تكاتف الجهود، لإعادة تلك الأموال من عقارات وقصور رئاسيّة وموانئ وأرصفة ومنافذ وضرائب، ولا بدَّ من وضع الحلول لمعالجة هذه الآفة.
منها إحالة الملفات على هيأة النزاهة قبل استجواب الوزراء أو وكلائهم أو من هم بدرجة وزير أو وكيل وزارة تحت قبة البرلمان، بغية إلاّ تكون تلك الاستجوابات أشبه باللجان التّحقيقيّة المشوّهة، والتي لم تلدْ إلاّ المُساومة وإعادة تدوير الفاسدين، ولا ننكرُ بأن هيأة النزاهة والاجهزة الرَّقابيّة إذا كانت مستقلة وغير خاضعة لإملاءات الأحزاب الفاسدة تكون قادرة على إعادة الأموال المنهوبة بمجملها، وهذه مسؤولية المواطنين ومجلس النواب والإعلام الحر النزيه، للوقوف بمؤازرة ودعم القضاء العراقي، وعدم السكوت عن المفسدين لحين محاسبة هذه الشراذم التي تقوم بالجريمة المُنظمة لسرقة المال العام، ونحن على يقين بأهمية اللاعب الأوّل لكشف الفساد، وأقصد نواب البرلمان الذين لهم الأحقية في متابعة ومراقبة العقود وبصورة علنية، بغية أن يتضح لهم الأمر وإعلانه .
كفى بثروات البلد أنْ تُنهب بطرق مشرعنة وفي وضح النهار، وعلى المؤسسة القضائية أن تتحمل مسوؤلياتها في حماية المال العام، وخلاف ذلك، فالفساد في العراق لن ينتهي إلاّ بثورات شّعبية، واحتجاجات وتظاهرات تشرينيّة ثانية وثالثة، فالمشكلة في محاربة الفساد سياسيّا.
ويقينا أن الأحزاب هي التي حققت للفاسدين ملاذا آمنا, وستبقى تلك الأحزاب مستمرة في حمايتها للفاسدين ودعمهم من جهة، وقمع الأجهزة الرَّقابية من جهة أخرى.
ولا أحد ينكر تورَّط بعض السّياسيين، ورجال دين وغيرهم بملفات فساد، منها السّيطرة على عقارات ومزارع ومراكز تجاريّة و(مولات) شاهقة .
ولا يفوتنا أن نؤكد بأن أخطر أنواع الفساد هو المُقنن بقانون، والمُشرعن بتَشْريع وهنا يصح القول: كيف نحمي القمحَ والحارسُ دجاجةٌ؟ 
ومن الحلول الأخرى متابعة ومراقبة اللجان المُشتركة من موظفين ورؤساء أقسام ومديرين يقومون بإعداد محاضر كشف وبيانات ختامية لتمرير صفقات الفساد. ونحن على دراية أن للفساد خيوطا وشبكات. وإن للشعوب الحرة عيوناً ساهرة ترصد كلَّ فاسد مهما كانت مستوى مسؤولياته، وإن فساد الطبقة الحاكمة بكبيرها وصغيرها يعدُّ أمرا مرفوضا جملةَ وتفصيلا