عالم أحادي أم متعدد الأقطاب؟

آراء 2022/07/27
...

 كاظم الحسن 
 
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبح الحديث السياسي، يدور حول ضرورة تعدد القوى الدولية النافذة، ويتصدر المشهد الرئيس الروسي بوتين ويعد احتلاله لها، مقدمة لخيار 
التحرر من الأحادية القطبية، وقد تكون صفقة روسيا مع الصين، بشأن ما اطلق عليها (شراكة بلا حدود) هي خطوة بهذا الاتجاه، لاسيما أن الصين بصرها، صوب تايوان وتعدها جزءاً لا يتجزأ منها، وقد تكون تصريحات بايدن في قمة جدة، تفصح أكثر عن زعامة أميركا للعالم، حين قال أميركا لن تسمح لروسيا او الصين او ايران بملء الفراغ في الشرق
 الأوسط، أي أن الخطاب السياسي أصبح واضحا ويكشف النوايا دون مواربة أو غموض، وكما يسمى اللعب على 
المكشوف.
قد تكون مقولة كبلنغ صحيحة الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا الثقافة، والقيم ليست ذاتها وأن النموذج الغربي، ليس بالضرورة يصلح للغرب وربما تجربة أميركا الفاشلة في  افغانستان أو قبلها فرنسا في الجزائر، خير دليل على اختلاف الحضارات وتباين الثقافات وهذا الامر يقودنا، إلى احترام التنوع والتعدد ولا يمكن اختزال العالم بلون واحد أو نظام سياسي معين 
أو محدد، قد يكون انهيار الاتحاد السوفيتي أحدث صدمة كبيرة للبعض، بعد أن كان هناك توازن قوى، وكان العالم شبه متكافئ، وله حدود مرسومة ومتفق عليها، والأطراف الدولية تعي ذلك وتقف عندها، إلا أن انتصار الليبرالية الغربية على المعسكر الاشتراكي، خلق فراغا سياسيا هائلا، ليس من السهولة تعويضه وهو في نظر البعض، إن ذلك لن يستمر 
كثيرا وكأي منتصر يبحث عن غنائم وبطبيعة الحال سوف ينظر إلى المهزوم بتعالٍ، وهذا ما قاله الرئيس الروسي بوتين في تعقيبه على غزو دولته لأوكرانيا، أن أميركا تنظر إلينا باستعلاء وتعاملنا كدول من الدرجة الثانية؟ هذا الجرح النرجسي، دفع بوتين إلى معاقبة الغرب ومحاولة الحاق الدول، التي كانت منظوية إلى الاتحاد السوفيتي، إلى فلك روسيا مجدد وبوتين يحاول التشبه بقيصر روسيا بطرس الاكبر او جوزيف ستالين، أي استعادة أمجاد غابرة واعادة الفخر إلى 
بلاده. 
وقد يكون لذلك صدى في بلاده، لا سيما أن شعوب الشرق، تحب هكذا شخصيات مستبدة وتعلي من مقامها ولو نظرنا إلى شعبية بوتين، الآن نجدها في أحسن حالاتها وحتى العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، ارتدت على شعوبهم ونرى أن التضخم وارتفاع الأسعار وأزمة الطاقة والغذاء، أصبحت مشكلة عالمية ولم تقتصر على الأطراف المتحاربة، بل توسعت وخلقت محاور وأقطابا متعددة حول هذا الطرف أو ذاك.