القطاع الخاص المحترف ودوره في حلِّ مشكلات الاقتصاد العراقي

اقتصادية 2022/12/29
...

عماد البرهان 


ما زال الجهد الحكومي الموروث يقف حجر عثرة أمام جهد الحكومة الحاليَّة في إيجاد مخارج تُعين الاقتصاد وتُطلق يد الدولة في تقديم خدمات أفضل للمواطن وتنفض الدولة عنها أعباء البطالة المتزايدة وما تمثله من مشكلة سياسية واجتماعية ثقيلة تضغط على ميزانية الدولة والمُشرع العراقي.

ومع توالي الحكومات الوطنية العراقية بعد العام 2003 والانفتاح على العالم والتخلي عن سياسة سيطرة شاملة للدولة على مفاصل الاقتصاد، مع هذا التغيير لم تضع الحكومات المتعاقبة آليات لهذا الانفتاح والتغيير وكان الناتج مئات الشركات العامة المتوقفة عن الإنتاج أو الخاسرة رغم عملها وأصبحت بيوتاً للمحسوبية والمحاصصة ومقراً رسمياً لهدر المال العام وسوء التصرف في موارد الدولة.

وبالرغم من صدور قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 إلا أنَّ الاستثمار في العراق بقي عصياً على المستثمر المحترف الكفوء مالياً وفنياً، ونشأت طبقة تتستر بغطاء المستثمر تغلغلت للقطاع الخاص بمسميات عدّة وحظيت برعاية النخب من الرسميين وهمّها الوحيد هو الربح السريع الذي يضيف مشكلات قانونية لمؤسسات الدولة وعبئاً على الهيئات الرقابية التي ما انفكت تلاحق هذا النوع المأزوم مما يسمى بـ"المستثمر" الذي يهدر الفرص ويضيع البرنامج الحكومي ويطلق الوعود التي لا ينفذ منها شيئاً بمباركة سياسية مقنعة ويتخذ من زلات التشريع منفذاً لعدم الدخول في تنافس حقيقي شريف ولا يطمح أن يدخل في منافسة مع المستثمر الحقيقي المحترف الذي يخطط للإنجاز ولتحقيق شيء للبلد.

أما المستثمر الحقيقي الذي يبني مشاريع حقيقية للبلد فبات في ظلِّ وجود الاستثمار المقنع يبحث عن موطئ قدم فلا يجد له نصيراً من السلطتين وبدأ يبحث عن غطاء فيهما وهي مشكلة كبرى تواجه نمو البلد وتضيع الفرص لإنجاز مشاريع حقيقية تخلق فرص العمل وتحقق دورات اقتصادية تساعد في تنشيط الاقتصاد وتزيد من القدرة الشرائية للسلع والخدمات.

إنَّ خلق فرص العمل يمكن له أن يحلَّ مشكلات اجتماعية كبيرة ويساعد البلد على النمو ويخلق فرصاً تنافسية لتحسين الخدمات ويساعد البرنامج الحكومي في تقليص الإنفاق والتوجه لزيادة قدرات البرنامج الاستثماري في أي موازنة للدولة ويساعد في تحقيق تحسن حقيقي في المزاج الاجتماعي العام.

إننا نلاحظ توجه الحكومة الجديدة وطموحها في التغيير ولكن الاستمرار في إهمال المستثمر الحقيقي سيؤدي إلى تراجع القطاع الخاص الذي يحمل تسمية اليد القوية التي تساعد الدولة على النمو وهو خطر كبير سيؤدي إلى تراجع اقتصادي خطير يزيد من أعباء الدولة ويثقل المشكلات التي تضغط على الميزانية العامة. 

لكلِّ ذلك، لابد للحكومة الجديدة أن تضع وسائل لحوكمة الإجراءات التي تضع شروطاً واضحة للتأهيل والتنافس ورفض أي تعاقدات تدخل من أبواب العرض الوحيد مع عروض ورقية لملء الفراغات وهو مطلب أصبح مُلِحاً لعزل الدخلاء على الاستثمار الحقيقي وفرزهم ومنعهم من التسلل إلى هذا القطاع المهم والحيوي.